سنجوب يسلم عليكم ويقول سوّوا شير واتركوا تعليقات وكيذا يا عيال

Twitter: @SaadMotham

12/09/2013

الرؤية الآكوورديّة

ركنَ مُحمد سيارته أمام بيت أهل خطيبته المُحتملة في ساعة النهار الأخيرة
 
كان يستقلُّ السيّارة مع والده مرتديا الزي التقليدي الذي لم يتعوّد ارتدائه
 
من المُفترض أن يقوم بأداء مناسك الرؤية الشرعية (أو 'الشوفة' كما تُعرف بالعامية) اليوم على خلفية ترتيبات والدته من خلفِ الستائر كما تقتضيه العادة في بيئتهم النجديّة المُحافظة
 
كانت الرحلة لهُنا مُرهقة بما فيه الكفاية فهذا البيتُ يقع في حيّ بعيد لا يعرفه جيدا وإصرار والده على أن 'يدزبل' وَأن يجعل الشمس على 'حجاجه' اليسار لم يُساعد
 
ولكنّ الجزء الصعب لم يبدأ بعد
 
نزل مُحمد ووالده من السيارة وأغلقا بابيها ومشيا لباب البيت
 
رنّ مُحمد الجرس وجاوبت بنت صغيرة نسبيا على رنته عبر الهاتف قائلة: مين؟
 
كان الرد مهمة محمد بحكمِ قربه من الهاتف فقال بتلعثم: حنا جايين نشوف بنتكم
 
سكتت البنت الصغيرة لوهلة نظرا لغرابة الجواب (رغم أنه صادق بالكليّة) قبل أن تقول "طيّب" مُغلقة الهاتف
 
نظر والد محمد إلى ابنه وقال باستغراب: جايين نشوف بنتكم؟ وشو هو معرض سيارات؟
 
لم يرد مُحمد لاقتناعه أنه غالبا لم يجدر به قول ذلك وازداد توتره رغم أن توتره كان شديدا ألريدي
 
وقف مُحمد مع والده خارج الباب لقرابة الدقيقة أو ما يزيدُ قليلا في صمت مُطبق قبل أن يفتح الباب شخص قد تعدى منتصف العمر بقليل مُبتسما ومُهليّا ومُرحبا
 
قال محمد لنفسه: يبدو أنه والد الفتاة
 
ثم سكت في مُخه قليلا وزاد موبخا نفسه: أكيد إنه والد الفتاة وش فيني أنا مخفة كذا؟
 
دخل محمد خلف والده وصافحَ وعانقَ والد الفتاة وقد اعتلت وجهه ابتسامة متوترة
 
قادهم والدها لمجلس البيت الذي يحتوي على أرائك يبدو أنها سُرقَت من قلعة أوربية في عصر النهضة
 
جلس والد محمد ووالد الفتاة في رأس المجلس في الزاوية البعيدة من الباب وجلس مُحمد بجانب والده
 
تبادل الجميع الترحيبات والاستفسارات الملحّة عن الحال والعيال ودخل شاب صغير يبدو أنه أخ الفتاة وسكبَ لهم أقداحا من القهوة والشاي
 
كان محمد قلقا ومتوترا طيلة الوقت فلم يكن يعلم مالمفترض أن يتوقعه أو أن يفعل
 
كان مُتحمسا لرؤية الفتاة فلم تكن لديه إلا معلومات عامّة قليلة عنها لم تكن كافية لقولبتها أو تصويرها كإنسان متكامل الصفات يستطيع أن يقرر إذا ما كان سيوافق أن يقضي بقية حياته معها
 
كان يأمل أنّ معرفة شكلها ربما يُساعده على اتخاذ قراره
 
ماذا عنها هي؟ هي أيضا لا تعلم عنه إلا القليل, ربما انطبق عليها نفس الشي أيضا
 
لحظة, ماذا لو تقبّل أحدهما الآخر ولكن الآخر لم يتقبل أحدهما؟
 
هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج للإجابات
 
لم يكن مُحمد يعلم أيضا ما كان من المفترض أن يتوقعه من ناحية التطبيق العملي للرؤية الشرعية
 
ماذا يستطيع أو يجدر به أن يقول خلال الرؤية؟ لم يعرض عليه أحد أية معلومات حولَ ذلك وكان قد أحس أن الوضع سيكون آكوورديا لو سأل فلم يسأل
 
وماذا عن والد الفتاة الذي سيكون حاضرا طيلة الوقت خلال الرؤية حسب فهمه؟
 
ماذا لو لم يكن متقبلا لما كان يعتبره الناس طبيعيا وحقا مشروعا على أية حال؟
 
تنهد محمد مُحاولا المحافظة على ابتسامته والتحكم بالمشاعر المُتضاربة التي تختلج في صدره
 
لم يطل انتظاره إذ انتهى نقاشهم حول الجو وزحمة الشوارع وبقية المواضيع التقليدية التي من الممكن أن يتحدث عنها أناس لا يعرفون بعضهم جيدا
 
استأذن والد محمد ليخرج حتى تتمكن البنتُ من القدوم إلى المجلس
 
لم يعد مُحمدٌ الوحيد الذي يخلق لحظات آكووردية في هذا المكان إذ قال والد الفتاة وكأنما كان مُتخوفا مما سيأتي: وين؟ بدري؟
 
قال والد مُحمد مُزبدا: يالله خلهم يشوفون بعض عشان نخلص
 
أومأ والد الفتاة إيمائة تُفيد التسليك رغم عدم استساغته للزبدة (بن انتندد) وخرج والد مُحمد ليجلس في السيارة
 
خرج والدُ الفتاة وأخوها من المجلس وبقي مُحمد يتأمل السقف والجدران في محيطه مُحاولا التقليل من غزارة أفكاره
 
رجع والدُ الفتاة وجلس في نفس مكانه قريبا من محمد وغدا يتأمل الأرض ولم يقل شيئا
 
جائت الفتاة التي تبيّن أنها جميلة وقد ارتدت فستانا جميلا ودخلت وجلست مُقابل محمد في الجهة البعيدة منه وتتبعتها عينا مُحمد
 
اتجهت عينا والد الفتاة لمحمد وكأنما كان يُريدُ التأكد أن محمد لن يَنْظُرَ كثيرا بينما بَقِيَت عينا محمد الفتاة وكانت عينا الفتاة على الأرض وهي تسترق نظرات قصيرة مُتقطعة إلى مُحمد كل عدّة ثوانٍ
 
لم يرتح محمد للوضع فآكووردية الموقف قد بلغت رقما قياسيا جديدا إثر الصمت المُطبق رغم المشاعر العنيفة التي يكتنز بها المكان في هذه اللحظات
 
حاول مُحمد كسر الصمت فقالَ وليته لم يقل: مُزّة ما شاء الله 
 
"هااااهـ؟؟!؟!؟!" ردّ والد الفتاة بصوت عالٍ مُستنكر وكأنما لم يفهم أو لم يعجبه ما قالَ مُحمد
 
فقال محمد مُحاولا تفسير موقفه: لا بس يعني جميلة ما شاء الله
 
زيّنت وجه الفتاة ابتسامة خجولة بينما قال والد الفتاة مُنفعلا: استح على وجهك! قاعد تغازل بنت الناس! لا وقدّام أبوها بعد؟؟
 
فقال محمد محاولا التخفيف من حدة الموقف: لا لا مو أغازل أمدح بس يا خال, حنّا داخلين بيتكم مع بابه يابن الحلال
 
تنهد والد الفتاة وأرجع أمره إلى الله وسكت ليسود الصمتُ مُجددا
 
لم يسد الصمت للكثير من الوقت فبعد ما يقل عن نصف دقيقة كان خلالها محمد خائفا أن يقول أيّ شيء فيها قال والد الفتاة: خلاص قومي يا بنتي
 
همت الفتاة بالمُغادرة وقال محمد مستجديا بوالدها: لا لا شوي اصبر دقيقة بس واللي يرحم والديك
 
فقال والد الفتاة وقد نفذ صبره: وشو دقيقة؟ شفت وخلصت وش تبي بعد؟
 
فقال محمد: اصبر شوي منب طايرين خلها هي تشوفني زين بعد
 
نظر والد الفتاة لمحمد باستغراب واستنكار ونفاذ صبر لبضعة ثوان قبل أن يسكت وينظر إلى الأرض وتَعْدُلَ الفتاة عن الرحيل
 
مرت عدة ثوان قبل أن يجمع محمد ما تبقى فيهِ من شجاعة ليقول لوالدها وعيناه لا تزالُ عليها مُحاولا معرفة المزيد قليلا عن الفتاة لعلّ ذلك يُساعده في اتخاذ قراره: عادي أكلّمها؟
 
فنظر والد الفتاة لمحمد منفجعا وقال: بناتنا ما يكلمون عيال الناس!!! وشبلاك انت؟
 
فقال مُحمد مُحاولا التخفيف من حدة الموقف وشرح موقفه: لا بس يعني ودّي ناخذ فكرة عن تفكير بعض والاهتمامات المشتركة وكذا
 
فقال والد الفتاة وقد **ّـت معه: اسمها رؤية شرعية مو رؤية التفكير والاهتمامات الشرعية! أنت مير انقلع منب مزوجينك! ما تربيت ولا عندك أخلاق يا قليل الحيا
 
وأمسك والد الفتاة بمحمد مع رقبته وسحبه مُسقطا ما اعتلى رأسه من لباس
 
تابعت عينا الفتاة المزة والدها ومُحمد ببرود وهما يُغادران المجلس بطريقة غير مألوفة
 
رمى والد الفتاة محمد خارج بيته عبر باب الشارع
 
تدحرج محمد على الأرض مرتين قبل أن ينهض وينفض وسخ الشارع عن نفسه على أنغام الصوت العالي لإغلاق باب الشارع
كان والد مُحمد جالسا في مقعد الراكب يتأمل المشهد الذي يحصل أمامه الآن
 
مشى محمد الذي لم يعد يملك شماغا وعقالا للسيارة وفتح بابها ليركب بجانب والده وقال والده ببرود: بشّر؟ عساها عجبتك إن شاء الله؟
 
فقال مُحمد: والله هي مزة ما شاء الله
 
فقاطعه والده قائلا: وشو يعني مزة؟
 
فقال محمد موضحا: يعني جميلة ما شاء الله
 
فقال والده: زين! طيب وش صار؟
 
فردّ محمد بتسليم: ما كتب الله رزق
 
هزّ والده رأسه هزة تُفيد التفهّم والمواساة
 
وشغّل محمد سيارته ليغادر ذلك الحي ولا يرجع له أبدا
 
 
*النهاية*
 
 
عزيزي القارئ: هل أعجبتك القصة؟ هل تودّ دعم الكاتب؟ قم بمشاركتها الآن مع من تحب من أقربائك أو أصدقائك أو عيال حارتكم أو بعارينكم أو شغالتكم أو حارس المسجد عن طريق الضغط على ايقونات مواقع التواصل الاجتماعي الصغيرة أدناه أو كلمة 'مشاركة' وبإمكانك إيضا نسخ السطرين التاليين ومُشاركتهاعبر أية وسيلة تشارك معلومات
 
بلوق د. ساعساعينو: الرؤية الآكووردية
http://saadalmotham.blogspot.com/2013/12/blog-post_9.html

ترى لو تقراه عالجوال يطلع كأنه برودكاست. شكرا للقراءة والمُشاركة. الله يرجّ محمد مب صاحي, صح؟ يقول عن البنت مزّة قدام أبوها! ههههههههههههه. مير أنا شكلي محدن مزوجني أبد على ذا القصّة الدايخة. هههههههههههه. شكرا. تعالوا كل يوم.

هناك 4 تعليقات:

  1. الشحاتة اللي تحت صارت احلى من القصة نفسها..
    يلا على البركة اول قصة بوست-حيوانات.. الله يرحمهم

    ردحذف
    الردود
    1. -_-

      ما ماتوا القصص مستمرة لا تنشرين إشاعات أختي

      حذف
  2. غير معرف12/11/2013 11:58 ص

    ههههههههههههههه كنت من معارضين القصص غير الحيوانية بس صارت حلوة والله

    ردحذف
  3. غير معرف12/11/2013 11:59 ص

    التعليقات هنا صعبة مرة ياليت تحل مشكلتها

    ردحذف