سنجوب يسلم عليكم ويقول سوّوا شير واتركوا تعليقات وكيذا يا عيال

Twitter: @SaadMotham

1/23/2014

الهويّة المفقودة

*أركُن سيّارتي بجانب كشك لبيع القهوة خُصّصَ لطلبات السيارات*

*صديق يأتي لأخذ الطلب*

أنا: صديق هات واحد بلاك كوفي وذ ملك.

صديق: شوقر؟

أنا: نو شوقر.

*صديق يصنع قهوتي ويُناولني إياها*

صديق: صديق أنتا سعودي؟

أنا: إيوا سعودي ليه؟

صديق: هذا نفر سعودي كلو يشرب قهوة مع شوقر.

أنا: -_-

*****

أعتقد أنني ربما أكون السعودي الوحيد الذي حافظ على بطاقة الهويّة الوطنية ولم يفقدها لمدة عشر سنوات.

ربّما كانَ ذلك سببا في حدّ ذاته للتشكيك في هويّتي الوطنية.

أصدرتها فور بلوغي الخامسة عشرة وكان تاريخ صلاحيتها ساريا لعشرة سنوات من إصدارها.

كان معنى ذلك أنني سأبلغ الخامسة والعشرين وكلما حاول أحد مُطابقة الصورة, سيعطيني رأيه عن تغير ملامحي ونضوجي والملاحظة الخطيرة النبيهة أن في وجهي لحية الآن لم تكن موجودة عند إصداري البطاقة.

كُنت أُلام على ذلك وكأنني كنت ممثل الأحوال المدنيّة في حلي وترحالي.

كانَت الأسئلة "وش دخّل أمي أنا؟" وَ "ليش هذي تُعتبر مشكلتي؟" وَ"وشلون أثبت لك إنّي أنا؟" تطرح نفسها كلما قام شُرطي نقطة تفتيش في منتصف اللا-مكان بإخباري أنني لستُ أنا من دونِ إتباعه بحل عملي للمشكلة.

رُبَّما كان عدم وجودي هُنا لسبعة سنوات من أصل العشر سببا يُفسِّر عدم اقتناعي بضرورة أو جدوى تضييع الوقت بتجديدها.

بعد رجوعي مؤخرا رجوعا نهائيا for now وبقاء أقل من شهرين على انتهاء البطاقة وإخبار البنك إياي أنهم سيقومون بتجميد رصيدي (تكفى يالرصيد) في حال لم أحضر لهم صورة البطاقة الجديدة والعديد من المواقف الخائسة عزمتُ أمري وقمتُ بحجز موعد لتجديد بطاقة الهوية الوطنية.

كان منبع السُخرية في الموضوع أنني لم أكن حتى متأكدا من بقاء هويتي الوطنية, بمعنى ربما كانت السبعة سنوات التي قضيتها خارج البلاد سببا في تبخرها.

تمنيتُ ألا يكون شكّي في محلّه.


*****

*مدير كبير يزور القسم*

مدير كبير مسلما على شخص قبلي: السلام عليكم

مدير كبير مسلما علي: هيلو

أنا: هيلو هاو آر يو؟

مدير كبير مسلما على شخص بعدي: السلام عليكم

أنا: -_-

*****

هويتي الوطنية مشكوك في وجوديتها أصلا.

لنتناول المُعطيات.

لم أتعلّم البلوت إلا بعدَ تخرجي من الجامعة.

(العبارة السابقة مليئة بالمتناقضات)

لم تلمس شفتاي قضيب شيشة قَط.

أقوم بالكتابة في بلوق شخصي غير مُسيّس لدافع لا يعرفه أحد even my shrink

مِن حُسن الحظ أن ليس ثمّة اختبار يوجد لتجديد الهوية الوطنية.

قٌمت بالاستفسار عن قائمة الأشياء المطلوبة لتجديد البطاقة.

جمعتُ ما يريدون باستثناء شيء واحد.

يُريدون مني التصوير في استوديو للتصوير مُرتديا الزي التقليدي.

حسنا.

ارتديتُ الزيّ التقليدي وذهبتُ لاستوديو تصوير قريب من مبنى الأحوال المدنيّة.

أخبرتُ صديق الذي يعمل في الاستوديو أنني أريدُ التصوير عندهم.

طلب مني صديق الدخول لغرفة التصوير.

دخلتُ ونظرتُ للمرآة وشككتُ في هويتي مُجددا.

التقطتُ الصورة على طريقة السيلفي selfie




دخل صديق بينما كُنت أُصَوِّر وأخبرني أن ما كُنت أفعله ليس ما تُريده إدارة الأحوال المدنية وأنني يتوجب علي التقاط صورة ذات أبعاد مُحددة وخلفية بيضاء وطباعتها من أجل أن "هدا أهوال يبغى خلي صورة في ملف, بعدين انتا سوي صورة عسان بطاقة هناك" على حدّ تعبير صديق.

عدم معرفتي ذلك سبب آخر للتشكيك في هويتي الوطنية فصديق يعرفُ أكثر مني.

"حسنا يا صديق" أخبرته.

التقطَ صديق الصورة وطبعها لي ووضعها في مظروف فشكرته وانصرفت.


*****

*معركة مُكاسرة حامية بيني وأخي مع صديق باكستاني*

*نتفق على سعر*

*أطلّع بوكي عشان أدفع*

صديق: صديق انتا سعودي؟

أنا: يا ليل. أيوا سعودي.

صديق: لا يا صديق. أنا معلوم نفر عربي ما فيه كلّو سيم سيم. ممكن أنتا لبناني؟ مصري؟

أخي: هههههه لا هذا سعودي يا صديق. ليش انتا فكّر هوّا ما فيه سعودي؟

صديق: شوف هذا نفر أحمر يا شيخ.

أخي: ههههههه

صديق: ههههههه

أنا: -_-

*****

وصلتُ مبنى الأحوال المدنية مُبكرا بساعة عن الموعد.

سببٌ آخر للتشكيك في هويتي الوطنية.

دخلتُ ولم يكترثوا لتبكيري.

أعطوني فورما ملأتُ فراغاته بإجابات صحيحة.

قاموا بتخليص أموري باحترافية أبهرتني باستثناءٍ بسيط.

بعدما قام المُبصم بأخذ بصماتي أخرجَ صورة من درج مكتبه لمزة لا أعرفها وعرضها عليّ وقال غامزا لي: وشرايك؟

قُلتُ مُنلحسا: وشو وشرايي؟ من ذي؟

قال المُبصّم بلهجة حاسمة: أقول وشرااايك؟

قُلتُ مُحاولا تجاوز الموقف: مُزّة والله.

كتب المُبصّم شيئا على أوراقي وختمها وقال لي: خلاص روح استريح بينادونك تصوّر بعد شوي.

جلستُ على كراسي الانتظار وأنا مُنلحس وقلتُ لشخص كان يجلسُ بقربي: وش السالفة؟ من ذي اللي في الصورة؟

فقال لي: هذي منى أمرشا. هذا اختبار بيتأكدون أنت مواطن ولّا لا.

تنفست الصعداء لأنّ ما تبقى من هويتي الوطنية يشفع لي بتجديدها.

يبدو أنّ هويتي لم تُنتزع تماما.

تلاشت مقالقي.

ات ول بي أوولرايت.

1/20/2014

كالفن هاريس

*صوت موسيقى عالي*
 
(ألبوم كالفن هاريس: ايتين مونثس)
 
*صوت خبط عالباب*
 
*أفتح الباب*
 
*كالفن هاريس اللي يخبّط*
 
*وي ستارت دانسنق*
 
*أستيقظ من حلم اليقظة*
 
*صوت خبط عالباب*
 
*أفتح الباب*
 
شخص: إنت مشغّل ألبوم كالفن هاريس؟
 
أنا: إيه
 
(أنا لنفسي: أوكي مو كالفن هاريس بس يمشي الحال)
 
*وي ستارت دانسنق*
 
*شِت قتس كريزي*
 
*أستيقظ من حلم اليقظة*
 
شخص: أقول لك بتقصر ولا لا؟
 
أنا: طيّب بقصّر :(

1/18/2014

خصوصيّة يوتيوبيّة



كانت الدجاجة  تمشي في الهواء الطلق عبر الساحة الترابية الخارجية لمزرعة الحيوانات وهي تنظر إلى شاشة جوالها الذكي غير آبهة لطريقها رُغم أنه من المُفترض أن يهمها أكثر مما كانت تُطالعه على جوالها.

مادتِ الأرضُ بالدجاجة وكادت تصفط على وجهها إثر نزول مستوى الأرض ولكن الدجاجة لم تُبعد عينيها عن شاشة جوالها.

في الحقيقة, "أصلا عادي" أخبرت الدجاجة نفسها وقد صدقت بقولها فقد كان ذلك أمرا اعتياديا.

كم من جدار ارتطمت به وكم من دجاجة وبقرة وخروف اصدمت بهم خلال تصفحها لجوّالها الذكي.

بينما كانت الدجاجة تمشي على هذه الطريقة استدعت انتباهها البقرة من خلف الشبك الفاصل بين حظيرتي الدجاج والبقر في الجهة الأخرى من الساحة التُرابية عندما قالت: هيييه, يالدجاجة.

توقفت الدجاجة عن المشي ورفعت سبّابة جناحها للبقرة طالبة منها الانتظار وأبقتها مُرتفعة لبضعة ثواني وعندما انتهت مما كانت تفعله على جوّالها خفضت جناها ورفعت عينيها للبقرة وتغيّرت تعابير وجهها الفاهية آنيا لتبتسم وغيرت من زاوية مشيها لتقترب من البقرة.

عندما اقتربت الدجاجة ولم تعد البقرة تحتاج لأن تصيح حتّى تسمعها الدجاجة قالت البقرة بصوتٍ مُنخفض رُغم عدم وجود أية حيوان آخر في محيطهما: وش صار على البضاعة؟

نظرت الدجاجة للبقرة باستغراب وقالت: وشو بضاعته؟

فقالت البقرة: البضاعة اللي تكلمنا عنها ذاك اليوم, هماس تقولين فيه بضاعة جايّة وبتضبطيني؟ وش صار عليها؟

سكتت الدجاجة للحظتين قبل أن تقول: آهااا شكلس مشبهة علي. أتوقع تتكلمين عن بنت عمي الدجاجة الثانية, أنا منب راعية 'بضايع' بغض النظر عن طبيعة البضايع.

تغيرت تعابير وجه البقرة وانحرجت وقالت: هههههه معليش والله, إنتم يالدجاج تتشابهون وكيذا ومثلس خابرة.

فتصنعت الدجاجة الضحك لتجاوز الموقف الآكووردي وقالت: هههههه لا عادي يا بنت الحلال, تحصل في أحسن العائلات.

رُغمَ تظاهرهما بالتفاهم ساد الصمت الآكووردي لبضعة ثواني بينما كانت البقرة والدجاجة تتطلعان إلى الأرض وبعدها رفعت الدجاجة عينيها وقالت: شفتي الـــ …

يبدو أن البقرة أيضا تكلمت في نفس اللحظة إذ قالت: وش أخبــ ..

سكتت البقرة والدجاجة سوية إثرَ عدم إرادة أيهما مقاطعة الأخرى وحثت كل منهما الأخرى على الحديث ولكن كليهما أرادت من الأخرى الكلام أولا.

سكتتا سوية لثانيتين قبل أن تعزم الدجاجة أمرها وتقول كي تتحكم هي بسير الحديث: جاني برودكاست عالواتسآپ فيديو عاليوتيوب بشر يذبحون خروف, تبين تشوفين؟

فاتسعت عينا البقرة الكبيرة وقالت: يمّه! إيه وريني.

ففكّت الدجاجة قفل جوالها وقامت بتشغيل الفيديو على اليوتيوب وحَنِت البقرة رقبتها من فوق الشبك لتقترب من الدجاجة وترى معها الڤيديو.

بدأ الڤيديو وكانت ملامح الدجاجة تشف عن انتظار لعلمها ما سيحدث بينما كانت ملامح البقرة تشف عن ترقّب وفضول وبعد قُرابة العشرة ثواني من بدء الڤيديو بدا أن الفأس قد وقع على الرأس لو صحّت الاستعارة فشفت ملامح البقرة والدجاجة عن اشمئزاز وغطّت الدجاجة وجهها بجناحها بينما خبأت البقرة رأسها خلف الدجاجة رُغم أن رأسها لوحده كان أكبر من الدجاجة.

بعد ذلك انتهى الڤيديو وساد صمتٌ ثقيل ساد لنصف الدقيقة قاطعه بعدها قول الدجاجة: يختي مساكين الخرفان.

وردّت البقرة بتأثر: إي والله, يختي ليش يسوون لهم كذا؟ يمكن الخروف مسوي لهم شي؟

فقالت الدجاجة رافعة كتفيها: مدري والله, وشرايس نروح نسأل الخروف يمكن عنده خبر؟

فوافقتها البقرة وخطت ثلاث خطوات ليسارها نحو باب الشبك الذي يفصل بين حضيرة الدجاج وحضيرة البقر ودخلت البقرة لحضيرة الدجاج ومشيتا سوية باتجاه حضيرة الخروف وفتحا باب الشبك الذي يفصل بين حضيرتي الدجاج والخراف ومشيا مع بعضهما خلال صمت آكووردي وعندما وصلا أخيرا لحضيرة الخروف الخشبية وجدا أنها كانت مُقفلة فطرقت الدجاجة الباب.

لم يرد الخروف فورا.

طرقت البقرة الباب.

ردّ الخروف بعد خمسة ثوان: مييين؟

فقالت الدجاجة: حنا البقرة والدجاجة. افتح.

فقال الخروف: وش تبون؟

فقالت الدجاجة افتح شوي, بنكلمك.

فقال الخروف بعد صمت استمر ثلاثة ثوانٍ وكأنما كان يقرر جدوى استجابته لطلب الدجاجة: طيّب لحظة.

فقالت البقرة: وش قاعد تسوّي؟

وقال الخروف من خلف الباب: اصبري شوي يختيالواحد ما عنده خصوصية في ذا المزرعة! وشذا الحالة؟!

انتظرت الدجاجة مع البقرة لدقيقتين عند الباب وعلى وجههما نظرات شديدة الفضولية لمعرفة لماذا كانت خصوصية الخروف شديدة الأهميّة بالنسبة له وأخيرا فتح الخروف الباب لما يكفي لأن يخرج رأسه مع الفتحة وقال: نعم؟

قالت الدجاجة بينما كانت هي والبقرة يُحاولان أن يسترقان النظر لداخل الحظيرة لعلهما يعرفان ما كان يفعل الخروف: شفنا ڤيديو عاليوتيوب بشر يذبحون خروف ودنا تشوفه.

لم يشعر الخروف بأن هناك مفرا من مُشاهدة الڤيديو فأسرع طريقة للتخلص من كان على شاكلة هؤلاء هي الاستجابة لطلباتهم وزحلقة الموضوع فخرج من حضيرته وأغلق الباب خلفه وقال: وروني.

فشاهدت الخروف مقطع اليوتيوب مع الدجاجة والبقرة وشفت ملامح الدجاجة والبقرة عن انتظار في البداية بينما شفت ملامح الخروف عن انتظار وترقب وفُضول وعندما وقع الفأس في الرأس مرة أخرى كشّت كل الحيوانات إثر بشاعة المشهد وبعدها قال الخروف مُحافظا على أعصابه رُغم كل شي: طيب وش المطلوب؟

فقالت البقرة باستغراب: وشو وش المطلوب؟ ليه ذبحوه كذا؟

فقال الخروف مُستغربا عدم معرفتهم للسبب: وشو ليه ذبحوه كذا؟ يبون ياكلونه!

فنظرت الدجاجة والبقرة للخروف بخوف وفجعة وأتبعَ الخروف: ههههههه وأزيدكم من الشعر بيت, تراهم يذبحون الدجاج والبقر ويصلحونكم شاورمر ومكبسوسة ومشوياتي وكباكب وهمبرقور ومنديد وكل شي, دوروا في يوتيوبكم ذا اللي فرحانين فيه.

وفتح الخروف باب حضيرته ودخل وأغلقه خلفه تاركا الدجاجة والبقرة وعلى ملامحهم سمات الصدمة وعدم التصديق.

عندما ارتطم باب الحضيرة بإطاره وانغلق خلف الخروف نظر لأمامه وقال فاركا يديه ببعضهما: أينَ كُنَّا؟

ورجع لكي يجلس خلف مكتبه ليُكمل اجتماعه مع البشريّ الشرير الذي كان يزور المزرعة وقتها بتكتم لاجتماعٍ خُصِّصَ لتسهيل تهريب وبيع الخراف والدجاج والبقر القاطنين في مزرعة الحيوانات للبشر آكلي لحوم الحيوانات.

1/16/2014

حدّوتة ويكنديّة

أعرف واحد (أنا) في بداية الويكند, كيذا شكله



بس إذا قرّب يخلّص الويكند, كيذا يتحوّل




أعتقد واضح اللي نحتاج نسوّيه, نخلّي كل الأيام ويكند!

1/10/2014

سپايدرمان العمارة

كان عبالمحسن ينقل أثاثه لشقته الجديدة في عمارة الشقق العزوبية قريبا من مكان عمله البعيد عن أهله.

كان حديث عهد بهذا المكان فـقـد سكن مُؤقتا في فندق قبل ذلك واستنزف ذلك حسابه البنكي وساواه بالأرض.

لم يَكن مُتحمسا بشأن السكن في هذه العمارة فإيجاراها غالٍ على أية حال ولكنه كان مُحتدا.

الخيارات محدودة في هذه المدينة.

كان قد فرغ للتو من فكّ البلاستيك الذي يغلّفُ كنبته التي أحضرها من شقته أيام الجامعة في أمريكا.

كانت الكنبة مكونة من كرسيين طويلين يتصلان مكونين كنبة متصلة على شكل زاوية.

كانَ يُحبُّ تلك الكنبة, فهي أحد الثوابت القليلة في حياته خلال الخمس سنوات الماضية.

لم يكن يفكر بالتخلص منها أو استبدالها رغم أن ما كلفه لاحضارها هنا عبر لبحار كان ليفوق قيمتها المادية ولكن قيمتها العاطفية كانت شيئا لا يمكن استبداله.

وقف يتأمل الكنبة المتصلة التي انتهى للتو من صفها في غرفة الجلوس.

تمتم في سريرته "آآآهـ كم اشتقت لأن أجلس على الكنبة وأحتسي قدحا من القهوة وأقرأ كتابا على كندلتي."

فجأة, لاحظَ عبالمحسن شبحا مرق بسرعة من اليمين لليسار خلفَ النافذة الزجاجية.

كانت النافذة مُغبشة وكان الوقت ليلا والنور المنبعث من داخل الغرفة للخارج قد صعّب رؤية ما بالخارج.

استنكر عبالمحسن ما ظن أن عقله قد ارتآه ولم يُرجح أنه كان حقيقة.

لعله تخيل ذلك من فرط الإنهاك.

التفتَ مُستقبلا باقي الأثاث والعفش الذي يحتاجُ للترتيب والتصفيف.

سَمِع صوت ارتطام شيء بالنافذة بسرعة وأحس بهزة لم تكن قوية جدّا ولكنها كانت حتما محسوسة.

التفت للنافذة فرأى شبحا خلف النافذة تبدو تفاصيل جسمه واضحة بعض الشيء لقربه من الزجاجة.

وت ذا فك؟

هل هذا سپايدرمان؟

ضَرَبَ من كان متعلقا خارج الزجاجة, لندعه سپايدرمان مؤقتا, الزجاجة برجليه وارتدّ مُبتعدا عنها مُحدثا صوتا غالبا ما سمعه أكثر سُكان العمارة.

ساد الهدوء ولم يزل عبالمحسن مُتجمدا في مكانه من هول الموقف ومفاجأته وسُرعته.

انتبه عبالمحسن لنفسه أخيرا فخطا بضع خطوات باتجاه النافذة وفتحها ليتفقد مالموضوع.

فتح الزجاجة وأخرج رأسه ونظر باتجاه اليمين واليسار والأعلى والأسفل فلم يرَ شيئا.

أخذ عبالمحسن يتطلع أمامه لعمارة الشقق المُقابلة مُتسائلا وش السالفة ولم تمر ثانية ونصف حتى سمع صوتا من الأعلى فرفع رأسه باتجاه سطح العمارة فرأى شخصا يهوي من الأعلى حتى نزل قريبا جدا من الأرض تحت مستوى شقة عبالمحسن وفجأة توقف وارتد مرتفعا للأعلى وهو يمشي برجليه على الجدار ويسحب حبلا يبدو أنه معلق من السطح

إنه يرتدي ملابس سپايدرمان!!

قرص عبالمحسن نفسه ليتأكد أنه لم يكن يحلم ولكنه لم يصحُ من النوم.

عندما اقترب سپايدرمان خلع قناعه وقال لعبالمحسن بصوت لا يبدو أنه صوت سپايدرمان: يالله حي جارنا الجديد.

أخذ عبالمحسن ينظر إليه مذهولا وقد سقطَ فكّه من شدة الذهول وقال منلحساا: الله يحييك.

وأتبع سپايدرمان: بس حبيت أقول حياك الله في العمارة ولو تحتاج أي مساعدة في أي شي ترانا حاضرين.

سكت عبالمحسن لبضع ثوان وهو ينظر إلى هذا الشخص الملحوس وبعد عدة ثوان من الصمت الآكووردي قال سپايدرمان: اوه نسيت أعرفك باسمي. أنا عمر محمد, جارك ساكن في شقة رقم 6 جنبك جدار بجدار.

فقال عبالمحسن مُشيرا إلى وجود الفيل في الغرفة, أو خارجها بالأصح: تشرفنا أنا عبدالمحسن خالد. بس الحين إنت سپايدرمان ولا وش وضعك؟

فضحك عمر وقال: هههههههه لا أنا مجرد بق فان اوف سپايدرمان. أنا مهندس ميكانيكي صممت سستم يمكنني من التحرك زي سپايدرمان بالحبال وكيذا. مب شلخ الموضوع يعني عرفت؟

فقال عبالمحسن وقد تنفس الصعداء لتأكده من عدم جنونه: هههههه الله يرجك يا شيخ روعتني.

فقال عمر: هههههه لا بس كنت أمزح معك وحبيت أسوي لك آكشن وكذا بمناسبة الشقة الجديدة. الزبدة حياك في العمارة وهذي شقتي اللي جنبك وحيّاك الله في أي وقت.

فقال عبالمحسن مُسلكا: ههههه إن شاء الله بسيّر عليك, وانت بعد لازم تشرفني في الشقة.

فقال عمر: ابشر ما يحتاج, يالله سلام عليكم.

وارتفع عمر في الهواء تسحبه حباله وتحرك جانبا ماشيا على الجدار ودخل في شقته من خلال نافذته بقوة فتطلع عبالمحسن إليه بذهول وإعجاب وقد أحس بأن أهل العمارة كويسين وفلاويّة ودمهم خفيف وأغلق نافذته والتفت ليكمل ترتيب عفشه وأثاثه.

************

كان اليوم الثالث لعبالمحسن في شقته الجديدة وقد كان جالسا على كنبته التي يُحبها يقرأُ كتابا على كندلته ويحتسي قهوته عندما سمع صوت ساوندتراك ينفع لأن يكون ساوندتراك لفلم رعب.

توقف عبالمحسن عن القراءة وتسائل في نفسه من أين تنبعث هذه الموسيقى؟

شيئا فشيئا ارتفع صوت الموسيقى.

يبدو أنه يأتي من الخارج.

التفت عبالمُحسن للزجاجة فرأى شبحا يزحف ببطء عليها فارتعد خائفا وفجأة قَرّب الشبح وجهه من النافذة.

إنه سپايدرمان العمارة.

"ههههههههه روعني الله يرجه!!", قال عبالمحسن لنفسه.

قام عبالمحسن من على كنبته وفتح الزجاجة فرأى عمر الله يرجّه فضحك عمر وأخرج ريموتا من جيبه وضغط زرا أوقف الساوندتراك الذي كان صوتا منبعثا من ساوندسستم ركبه هذا الفاضي على جدران العمارة.

هههههههه.

يالفضاوته.

خلع سپايدرمان قناعه عن وجهه فأصبح عُمر وقال وهو واقف بشكل أفقي موازٍ لسطح الأرض: هاپي هالوين هههههه.

فضحك عبالمحسن وقال: هههههه هاپي هالوين الله يرجك يا شيخ روعتني والله.

فقال عمر: هههههه بس كنت أمزح معك وحبيت أقول لك هابي هالوين وكيذا, كنت أحب الهالوين يوم اني ادرس في أمريكا وصرت أفقده بعد ما جيت هنا.

فقال عبالمحسن: يوووه أنت دارس في أمريكا! حتى أنا! وين درست؟

فقال عمر: في پين ستيت, خلصت قبل ثلاث سنوات. وأنت؟

فقال عبالمحسن: يونيفيرسيتي أوف كلورادو, توني راجع فِريش قبل شهر, أقول تعال ادخل وراك جالس هنا؟

فقال عمر: زين.

ودخل عمر لشقة عبالمحسن من خلال النافذة وضغط زرا على بدلته فانفكت الحبال وسحبها لداخل الشقة معه وسحب وسحب وسحب ولم تنته الحبال فسحبها مُجدد وكثرت الحبال في داخل الغرفة حتى امتلأت الغرفة بالحبال لمستوى الرُكب تقريبا وجلسَ عبالمحسن وعُمر على الكنب وسكب عبالمحسن لعمر قدحا من القهوة وأخذا يتبادلان أطراف السوالف

************

مرت بضعة ساعات وتأخر الوقت وبدأ عبالمحسن يتثائب وعمر لا يبدو أنه سينقلع أو حتى لينتبه لأنه كان ضيفا ثقيلا فأغمض عبالمحسن عينيه متظاهرا بالنوم لعل عمر يفهم ويخرج لبيته هو وشبكته الحبالية التي ملأت الغرفة فقال عمر: عبدالمحسن, عبدالمحسن. قم وراك نمت؟

ففتح عبالمحسن عينيه وطالع في عمر لبضعة ثوانٍ مُحاولا إتقان دور النائم وقال: والله تعبان اليوم صاحي من خمس ونص للدوام وكذا.

فقال عمر: تقهو! تبيني أصب لك؟

فقال عبالمحسن: لا أنا والله شكلي برقد.

فساد الصمتُ الآكووردي قُرابة الثلاثين ثانية لم يقل أحدٌ فيها شيئا وبعدها قال عُمر أخيرا: يالله أجل, نشوفك على خير.

وقام عمر من على الكنبة تاركا خلفه الحبال فقال عبالمحسن: تعال لا تنسى حبالك.

فقال عمر: لا لا يابن الحلال عندي غيرها لا تشيل همها, يالله نشوفك على خير.

فانلحس عبالمحسن من ردة فعل عمر إذ أنه كان يريد منه أخذ حباله معه لكي لا يضطر للتخلص منها لأن ترى شقة عزوبية يعني ولكن يبدو أن عمر كان ثقيل دم بالفطرة.

أخذ عبالمحسن يتطلع للحبال التي تملأ الغرفة وهو لا يعلم ماذا سيفعلُ بها.

*************

كان عبالمحسن يلعب الفيفا في شقته مع صديقه خالد سعد وكانا مستمتعين بوقتهما عندما سمعا صوت هزة فنظر خالد لعبدالمحسن وقال: بسم الله! حسيت باللي حسيت فيه؟

فقال عبالمحسن وهو لا يزال ممسكا بالجهاز ومُركزا على الشاشة: ايه.

فقال خالد وقد اعتراه الخوف: وشو ذا؟

فقال عبالمحسن وعيناه لم تتركا الشاشة: هذا جاري مسوي فيها سپايدرمان. كل يومين جاي يتميلح. بثر أبلشنا.

فظهرت سمات اللحسة على وجه خالد وقال: وشلون سپايدرمان؟

وقال عبالمحسن مُوضحا: يعني مسوي يتعلق بالحبال وكذا, صدقني أول مرة مرتين تشوفه تنبهر وبعدين تطفش, كل يوم نفس الشي ويتوقع منك نفس الانبهار, وبعدين الشخص نشبة وعلة وثقيل دم.

فسكت خالد وأخذ يكمل اللعب وفجأة أحس بشيء يراقبهم فالتفت للنافذة فرأى شبح سپايدرمان وقد التصق وجهه بالزجاجة فخاف وصرخ قائلا: عبالمحسن شف شف.

فلم يلتفت عبالمحسن مبقيا عينيه على التلفاز وقال مُستجديا صديقه: لا تعطيه وجه. ترى بينشب.

فحاول خالد التحكم بأعصابه وهو يحاول اللعب ومرت عدة دقائق وسپايدرمان لا يزال مُلصقا وجهه بالزجاجة وهو متضايق من عدم لفت انتباه جمهوره فأخذ يطرق على الزجاجة ولكن عبالمحسن وخالد لم يعيراه انتباها وزاد عبالمحسن من صوت التلفاز ليغطى على صوت طرق سبايدر مان ولكن طرقه لم يتوقف بل ازداد حدة وقوة فتاليتها قال عبالمحسن لخالد: أقول مشينا بس. شكل ذا البثر مب تاركنا في حالنا.

فأطفأ عبالمحسن جهاز البليستيشن وأقفل النور وخرج وزميله خالد من الشقة تاركين سبايدر مان يطرق على زجاجة الغرفة المُظلمة.

*************

كان عمر (سپايدرمان) جالسا في شقته لوحده وقد بدأت تغزوه ارهاصات الطفش فقام من كرسيه الذي يقابل التلفاز وارتدى بدلة سپايدرمان وفتح النافذة وسحب الحبال المعلقة من السطح إلى داخل الغرفة وقام بتركيبها ببدلته وقفز من النافذة كاجوالي وأخذ يتسائل ماذا يا تُرى كان جيرانه يفعلون في هذا الوقت

قال لنفسه "لعلّي أسرق قليلا من انتباههم" فأخذ يمشي أفقيا على جدران العمارة متعلقا بالحبال المُثبتة في سطح العمارة

عندما اقترب من شقة عبالمحسن (التسمية التي لم يكن عبالمحسن يهضمها) قام بإخراج الريموت من جيبه وقام بتشغيل الساوندتراك وأخذ يمشي على الجدار بسرعة متوجها لشقة عبالمحسن حتى اقترب منها ولما رأى بالداخل فُجع لما رأى!

يبدو أن عبالمحسن قد قام بتركيب ستائر بلاكآوت عادمة الرؤية!

شدعوا يا حافظ

رجّح سپايدرمان أن الشمس كانت تضايق عبالمحسن

"فعلا." قال لنفسه, "أتفهم موقفه عيال أمريكا ما تعودنا على الشمس القويّة زي هنا. الوضع يحتاج ستاير بلاكآوت. التمس لأخيكَ عذرا. ليست مُشكلة. سأسأله عندما أُضايقه من زجاجة الحمّام لاحقا"

وأخذ سپايدرمان يمشي على الجدار مُتفقدا الشقق المُجاورة وبعد المرور على شقتين أخريين كان أصحابهما قد ركبوا ستائر البلاكآوت عادمة الضوء, وجد صاحب شقة يبدو أنه جديد في العمارة

"بس, جابك الله!" تمتم سپايدرمان لنفسه


وذهبَ ليفعل ما يقتضيه الحال ليُعيد التاريخ نفسه