سنجوب يسلم عليكم ويقول سوّوا شير واتركوا تعليقات وكيذا يا عيال

Twitter: @SaadMotham

1/15/2016

العد التنازلي



"165 يوم 23 ساعة 47 دقيقة 15 ثانية"

كانت الدجاجة تمشي مع الحمار في إحدى حواري مدينة الحيوانات في الساعة الأخيرة من النهار.

كانا صامتين طيلة فترة مشيهما ولكنه لم يكن صمتا آكوورديا, فكليهما مرتاح في صمته.

شاهدت الدجاجة شيئا يُثير الفضول فنغزت الحمار مستجلبة انتباهه إليه.

نظر الحمار بالاتجاه الذي أشارت له الدجاجة فوجد على الجهة الأخرى من الشارع متجرا صغيرا مغلقا وقد غُطّيت جدرانه بورق بلاستيكي يحجب الرؤية.

لم يكن ذلك فقط ما أثار فضولهما, ولكن كانت هناك شاشة الكترونية كبيرة فوق المحل تقوم بعدّ تنازلي لسبب غير مفهوم.

"165 يوم 23 ساعة 46 دقيقة 24 ثانية"

تسائل الحمار: وش هذا؟

قالت الدجاجة: والله مدري, يمكن عشان محل جديد.

قال الحمار: طب وشو المحل؟

قال الدجاجة مفكرة: والله سؤالك وجيه.

قال الحمار مستغربا من رد الدجاجة: طيب جاوبي السؤال, مب تقولين سؤالك وجيه وتسحبين!

قالت الدجاجة حانقة: وش درّى أمّي أنا؟ وش أنا مرشدة سياحية جاي أوريك معالم المدينة؟ ولا عندي مُعطيات مب عندك؟ ولا كان المفروض أسوي بحث في الموضوع وأزوّد حضرتك بالنتايج؟

قال الحمار: يا ليل, شفيس عصبتي إنتي الحين؟ قولي مدري وخلاص.

سكتا لوهلة ثمّ همهم الحمار مستهزئا بالدجاجة: سؤال وجيه.

سكتت الدجاجة فهي تعلم أن الاسترسال في الجدال العقيم لن يفيدهما.

قال الدجاجة محاولة تجاوز الموضوع: طيب مشينا؟

قال الحمار: وش مشينا؟ خل ننتظر نشوف وش الموضوع!

نظرت الدجاجة للحمار للحظة بعدم تصديق ثم قالت: بتنتظر وش؟؟؟

قال الحمار: نشوف وش تالية هالعد.

تسائلت الدجاجة في قرارة نفسها إذا ما كان يجدر بها الخوض في نقاش, أو جدال بالأحرى, مع الحمار لعله يقتنع بعدم جدوى الوقوف والانتظار ولكنها قررت أنّ تركه تجربة اجتماعية مثيرة للاهتمام.

قالت الدجاجة: زين أجل, أنا عندي كم مشوار لازم أمشي بس انت انتظر على راحتك.

قال الحمار: الله معك.

ودعته الدجاجة قائلة: نشوفك على خير.

قال الحمار: مع السلامة.

فمضت الدجاجة في حالها تاركة الحمار مركزا في العد التنازلي مستشعرا مرور الثواني والدقائق والساعات.

*****

*164 يوم 21 ساعة 35 دقيقة 47 ثانية*

لم تكن الدجاجة تتوقع أن ترى الحمار في اليوم التالي أمام المحل حيث تركته.

كانت تمشي لوحدها في طريقها لقضاء بعض مشاويرها وقد نسيت تماما موضوع الحمار والعد التنازلي.

تفاجأت الدجاجة عندما لمحته وحثّت الخُطى إليه لتستعلم عن أحواله.

قالت الدجاجة: هلااااا

التفت لها الحمار وقال: هلا والله وش الأخبار؟

قالت الدجاجة: تمام, تمام, يالله لك الحمد. هاه وشالنظام؟

قال الحمار: والله فاتس, الأرقام قامت تتناقص ألين وصلت 165 يوم 00 ساعة 00 دقيقة 00 ثانية وبغى مخّي ينفجر وش بيصير؟ وبعدين فجأة صار 164 ساعة 23 ساعة 59 دقيقة 59 ثانية

وبقي فكّ الحمار قريبا من الأرض بعد انتهائه من نطق كلمة ثانية وعينيه متسعتين وكأنما انفجر مخه فعليا

قالت الدجاجة مستوعبة أن فهم الحمار للأرقام مقصور على ذات الأرقام دون ترتيبها وقالت مسلكة الموضوع: وااو صراحة فاتني فعلا!

وساد الصمت للحظة ثم أردفت الدجاجة: طيّب عرفت وش سالفة العد؟

قال الحمار: لا والله.

قالت الدجاجة: أوكي عطني خبر إذا عرفت.

ومضت الدجاجة في حالها.

*****

*87 يوم 18 ساعة 57دقيقة 30 ثانية*

مرّت الدجاجة على الحمار بضعة مرات خلال السبعة والسبعون يوما التالية والحمار لا يزال متفاعلا مع العد التنازلي.

بعد التحديث الذي قد أضحى روتينيا من الحمار حول الأرقام الجديدة في شاشة العد التنازلي قالت الدجاجة: طيب عرفت وش المحل؟

قال الحمار: ايييييه أمس جا قنفذ لابس خوذة هههههههه قنفذ لابس خوذة كنه يبي يحمي نفسه ههههههه  المفروض الناس يلبسون خوذة عنه هههههههه.

بدا أن سالفة الحمار قد انتهت فقالت الدجاجة: إيه وبعدين؟

قال الحمار متذكرا سلسلة أفكاره: إيه سألت القنفذ وش السالفة وقال بيفتحون محل يبع كفرات جوالات.

هزّت الدجاجة رأسها غير مستوعبة وقالت: جوالات؟

ردّ الحمار: لا, كفرات جوّالات, يعني أغطية ههههههه أثرس ما تعرفين انقليزي!

قالت الدجاجة: آهااا.

سكتت للحظة ثمّ أردفت: طيب منتب معصّب؟

قال الحمار: ليش؟

قالت الدجاجة: لا بس صار لك سبعة وسبعين يوم تنتظر وفي النهاية صار المحل يبيع كفرات جوالات, يعني حتّى ما يبيع جوّالات!

قال الحمار: لا, وش دخّل أصلا؟ وبعدين العدّ فتّح عقلي لأشياء عميقة, مثل كيف الوقت يمشي, ثواني تصنع ساعات تصنع دقائق تصنع أيام.

قالت الدجاجة: قصدك ثواني تصنع دقائق تصنع ساعات تصنع أيام.

قال الحمار ضاربا على صدره: ههههه لا ما عليس, تعلميني؟ أنا صار لي سبعة وسبعين يوم متابع العدّ, آي ثنك آي قوت ذس.

نظرت له الدجاجة لثانيتين ثمّ هزّت كتفها وقالت: أوكي, بالتوفيق, بأسيّر عليك قريب إن شاء الله.

فودعا بعضهما ومضت الدجاجة في سبيلها.


*****

*0 يوم 3 ساعات 24 دقيقة 17 ثانية*

أتت الدجاجة لتلتقي بالحمار في اليوم الأخير من العدّ وتتابع الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل الممل.

وجدت الدجاجة طابورا من الناس المصطفين خلف الحمار. خمنّت أن ذلك ليس لحماسهم لشراء كفرات الجوالات, ولكن لأن الحمار أصبح ظاهرة اجتماعية معروفة على مستوى مدينة الحيوانات روّجت لصنع هذا الطابور.

في الحقيقة, صنع له معجبوه صفحة على الفيسبوك عنونوها "الحمار مدرّك العدّ التنازلي".

لم يكن الحمار مدركا بالضبط لما يدور حوله فانغماسه في متابعة الأرقام على الشاشة كان كفيلا باحتلال كامل انتباهه.

وقفت الدجاجة بجانب الحمار وقالت بعد تمسيته عليه بالخير: هاه وش شعورك؟

قال الحمار: شعوري بمناسبة إيش؟

قالت الدجاجة: العد التنازلي بيخلص بعد ثلاث ساعات!

نظر الحمار للشاشة ثم قال: أووووه صح! هههههههه.

وساد الصمت للحظة بينما عالج الحمار المعلومة ثم قال: والله أنا مبسوط إني قضيت وقتي بمتابعة العدّ.

قالت الدجاجة: بس ما تحس إنّك ضيعت وقتك؟

قال الحمار: ليش ضيعت وقتي؟ بالعكس أحس إني استثمرت وقتي في شي جامد جدّا.

استسلمت الدجاجة عن محاولاتها المستميتة لفهم منطق الحمار فسكتت.

مرّت دقيقة صمت قالت بعدها الدجاجة: أوكي أنا طفشت بأروح وبأجيك بعد ثلاث ساعات.

قال الحمار: أوكي.

*****

*0 يوم 0 ساعات 2 دقيقة 3 ثانية*

رجعت الدجاجة ووقفت بجانب الحمار وقالت: هاه مستعد؟

قال الحمار: إيه ما عليس.

مرت الدقيقتان ببطء شديد حتى بقيت عشر ثوانٍ وقام الناس بالعد التنازلي بصوت مرتفع

"10, 9, 8, 7, 6, 5, 4, 3, 2, 1"

ثم علت صيحات الجموع وفُتح المحل وسحبت الدجاجة الحمار لداخل المحل يتبعهما الكثير من الحيوانات وقام بنظرة سريعة حول المحل ولم يعجبهم شي ثم خرجوا.

قالت الدجاجة: مااش أحس إنه دون المستوى.

قال الحمار: ايه مخيس شوي.

قالت الدجاجة: يالله, أهم شي إنك كنت مستمتع بالعد.

قال الحمار: لحظة لحظة لحظة لحظة, اصبري, هو العد كان يعني على نهايته بيصير افتتاح المحل؟؟

قالت الدجاجة: إيه! أجل وش؟

قال الحمار: ههههههه وأنا كنت أحسب إنه مجرّد صدفة إنه صار في نفس الوقت!

نظرت له الدجاجة لبضعة ثوان ثم نظرت في محيطها باحثة عن أقرب جدار ثم مشت إليه وضربت رأسها به عدة مرات والحمار ينظر إليها بفضول.

عادت إليه الدجاجة وقالت له: ممكن أشوف جوالك؟

فناولها الحمار جواله فقامت بمسح رقمها من على جواله.

ثم أمسكت بجوالها وقامت بحظره على جميع مواقع التواصل الاجتماعي.

ثم أدارت ظهرها إليه وانصرفت داعية الله أن يهبها القدرة على التحكم في النفس لكيلا تقوم بارتكاب جريمة بشعة في حق الحمار.

9/19/2015

حظيرة البشر

كان البشر جالسين في أعشاشهم في حظيرة البشر.

نعم! ما قرأته صحيح, ففي هذا العالم الموازي يقوم الدجاج بتربية البشر في حظائر مخصصة لهذا الغرض ويقومون أيضا بجمع بيض البشر وأكله وفعل أشياء عنيفة به قد لا تجرؤ على قراءة وصفها.

في هذا العالم, يبلغ حجم البشر حجم الدجاجة في عالمنا ويبلغ حجم الدجاجة قُرابة حجم بشري في عالمنا.

كان البشر الخمسة عارين من أية ملابس ولكن كان يكسو جلدهم ريش أبيض.

لم يكن ذلك غريبا فهو معروف في كل العوالم الموازية أن الريش علامة الزلائب.

يبدو البشر وكأنهم ممثلين في برنامج للأطفال يلبسون فيه بدلة دجاجة تغطي كل أجسامهم ما عدا أوجههم.

كان اليومُ أحد أيام الشتاء وكانت الساعة تُشير إلى الرابعة مساءا وكانت السماء تمطر بكثافة ويُسمع صوت الرعد كل دقيقة أو دقيقتين.

كان التوتّر يسري في الجو فالبشر يعلمون أنّ الدجاجة ستستضيف الخروف اليوم وغالبا ما ستقوم بالتضحية بأحدهم في سبيل ذلك.

غالبا ما ستقوم بقطع رقبة أحدهم وسلخ جلده بريشه وتقطيعه وطبخه مع بعض الخضار اللذيذ, فهذا هو الطبق الذي تشتهر به الدجاجة.

كان كل بشري يتمنى فقط لو لم يكن هو من سيموت اليوم حتى لو كان ذلك يعني موت أحدهم الآخر.

لا يمكنك لومهم فغالبا ما كنتَ لتتمنّى نفس الشيء, عزيزي القارئ.

كان الجميع يترقبون دخول الدجاجة المفاجئ لتقوم بقرعة الحياة والموت وتختار أحدهم لمصيره المحتمّ.

قالت عبير قاطعة الصمت المخيف: أنا ما عندي مشكلة لو بتذبح أي واحد فينا, بس خل تسوي جدول نعرف مين بيموت اليوم ومن بيموت بكرة ومين بعده.

قال أحمد: صح يعني حنا عارفين هذي سنة الحياة بس الانتظار لحاله يذبح.

قال مهدي: آآآآه, وش تسوّي بس, أتمنى التوفيق للجميع.

نظر الجميع إلى مهدي الملحوس, فالكل يعلم أن التوفيق لن يطالهم جميعا.

قالت هيفاء وهي واضعةٌ يدها على بيضتها: أتمنى ما أضطر أودع بيضتي اليوم.

قال علاء بلهجة من نفذ صبره: ياخي الدجاجة بنت كلب, وش يعطيها الحق إنها تذبحنا؟

ساد صمت آكووردي مهيب والأربعة الآخرون ينظرون إلى علاء باستغراب, وأخيرا قال أحمد: وش قصدك؟

قال علاء: الدجاجة كائنة عنيفة تظن إن عندها حق وسلطة إنها تسخّر وجودية كائنات أخرى لراحتها ورفاهيتها.

قالت عبير: وشلون يعني؟ حنا الكائنات الأخرى قصدك؟

قال علاء وقد اعتلى وجهه السرور لأن البقية بدؤوا يفهمونه: بالضبط!

ساد الصمت للحظة ثم انفجر الجميع يضحكون.

قال أحمد: وشذا الأفكار الملحوسة؟ هههههه شكل الخوف غسل مخك.

قال عبير من جد هههههه حنّا والدجاجة مب على نفس المستوى ترى. استخفيت الظاهر.

قال علاء: فكروا فيها, وش السبب اللي يخلي الدجاج ياكلنا؟ لأننا زلايب وما عندنا جرأة نوقف في وجهها!

قال مهدي: ههههههه وش صنفك يخوي؟

ضحك الجميع على علاء الذي علت وجهه سمات خيبة الأمل من انغلاق أصدقائه ولكنه لا يلومهم, فهم وُلِدُوا وترعرعوا في عالمهم الصغير ولا يُعقل أن يتوقّع منهم أن يفهموا وجهة نظره المرة الأولى التي يشاركهم بها.

خطا علاء بضعة خطوات إلى بيضتيه على خلفية ضحك الجميع واستهزائهم به.

جلس علاء على إحدى بيضتيه يفكر في مصيرهم المشؤوم وفي أيّة طريقة ممكنة قد يستطيع بها إقناع الآخرين بوجهة نظره.

مرت دقائق هدأ خلالها ضحك الجميع وعادوا يزاولون شؤونهم.

توقف المطر عن الهطول فعمّ الهدوء المكان مجددا ما عدا صوت حوارات البشر المقتضبة.

فجأة, فتحت الدجاجة الباب ووقفت عند الباب بجسمها الكبير.

ارتعد جميع البشر وأخذوا يصرخون وتجمّع الجميع في إحدى زوايا الحضيرة كأنما كان ذلك ليحميهم من بطش الدجاجة.

كان علاء الأخير والأبعد عن البقية وسرعان ما اقترب منهم.

تفاجأ علاء أن الجميع أخذوا يدفعونه بعيدا عنهم!

اقتربت الدجاجة منهم بخطوات ثابتة وعلاء منصدم من ردة فعل البقية.

صرخ علاء: وش فيكم؟!؟!؟ ليش تدفوني؟!؟؟!؟

قال أحمد: احنا قررنا إنه أفضل للجميع لو تموت إنت اليوم لأنه واضح إنك بديت تستخف وأحسن لك لو تموت قبل ما توسوس من جد!

كانت الدجاجة تقترب بسرعة.

بُهت علاء من خيانة الجميع إياه وتحليلهم المغلوط للموضوع فلم يعد يحاول الاقتراب منهم وصرخ بهم: لااا صدقوني المفروض كلنا نوقف في وجه الدجاجة أو نشوف طريقة ننحاش فيها!!

نظر له الجميع بأسف وقال فارس: هذا لمصلحتك صدقنا...

غدت الدجاجة على بُعد خطوتين من علاء والبقية فشعر علاء بعدم جدوى كلامه فالتفت مقابلا الدجاجة.

وصلت الدجاجة لهم وأخذت تنظر للأربعة الواقفين في جهة وعلاء الذي يقف لوحده.

قررت الدجاجة أن تختار علاء لتُريح رأسها كما هو متوقع فمسكته مع ساقيه قالبة إياه رأسا على عقب ووضعته على ظهرها واتجهت للخارج ووجه علاء مقابل لبقية البشر.

نظر لهم علاء بخيبة أمل للمرة الأخيرة.

خرجت الدجاجة من باب الحظيرة وأغلقته خلفها.

نظر الجميع للباب برعب.

سمعوا صوت سكّين الدجاجة يقطع رقبته. لم يصرخ علاء.

مرت دقيقة ثم سمعوا صوت الساطورة تقطع جثته لأجزاء صالحة للطبخ والتقديم للخروف مع بعض الخضار اللذيذ.

هدأ الصوت تماما.

سرت رعشة في ظهور الجميع, ولم يعلموا أنهم كانوا قد قتلوا للتو فرصتهم الضئيلة الوحيدة للفرار من مصير علاء ذاته.

3/05/2015

الطفل العشريني

كان الطفل ذي الستة أشهر جالسا على الأرض.

لا يزال يحاول توسيع دائرة إدراكه وفهم هذا العالم الغريب.

يبدو أنه لا يزال غير مقتنع بمفهوم الجاذبية فمحاولته القفز من حافة السرير هوايته المفضّلة.

لا نستطيع لومه فهو لم يتمّ بضعة أشهر في هذه البقعة المحدودة من هذا الكون الفسيح.

لو اختارت أمه لتلده على كوكب آخر حيث تسارع الجاذبية أقل مما اعتدنا عليه لما كان قراره بالقفز من حافّة السرير مميتا بالضرورة.

يقوم بجمع المعلومات وفرزها وتحليلها باستمرار.

رفعه أحد الكِبار في مُحيطه وقام برميه في الهواء.

ضحك الطفل وتفاجئ بضعة مرات عندما ارتفع, ثم توقف, ثم نزل للأرض مرة أخرى وأمسك به هذا الكبير.

قام الكبير بفعل ذلك بضعة مرات وضحك الطفل كل مرة.

وضعه الكبير على الأرض.

ابتسم الطفل وهو ينظر للكبير الذي وصفه بالـ "كويّس" في قرارة عقله.

قام الكبير بأداء تلك الحيلة الجيّدة عندما يختفي فجأة ثم يعاود الظهور مرة أخرى.

في الحقيقة كان فقط يُخفي وجهه بكلتا يديه ثم يُظهره مرة أخرى مزيحا يديه.

ضحك الطفل متعجبا من قدرة الكبير على التحكم بوجوديته بمجرد استخدام يديه.

قام الطفل بتقليد الكبير محاولا اختراق الزمان والمكان عابثا بوجوديته.

ابتهج الكبير إثر ذلك.

شعر الكبير بالضجر فقام ومشى مبتعدا عن الطفل.

اختفت ملامح البهجة من وجه الطفل واستبدلتها ملامح القلق.

ازدادت ملامح القلق حدّة مع ابتعاد الكبير فقد مرّ بهذه التجربة عدّة مرات من قبل.

يخشى الطفل أن يختفي الكبير من الوجود مع ابتعاده.

تحول قلقه لبكاء.

ارتفع صوت بكاء الطفل أكثر وأكثر.

غدا بكاؤه لا يُطاق.


*****


توقف الطفل بسيّارته عند الإشارة الحمراء بعد قُرابة عشرين عاما على ولادته.

ارتشف قهوته ثمّ أعاد كوب القهوة الورقي لمكانه في حامل الأكواب.

لا يحتاج لأن يقلق من أن ترتفع قهوته عفويا فالجاذبية ستبقيه في مكانه.

لديه عشرين عاما من الخبرة في هذا الصدد.

يبدو أنّ دائرة إدراكه توسعت وأصبحت الجاذبية "لعبته" على حدّ وصفه لو كنتَ لتسأله.

اخضرّت الإشارة فتابع مسيرته حتى أوقف سيارته خارج بيته.

فَرَغ من قهوته عندما وصل وأراد التخلص منها.

يحتاج فقط لأن يُلغي وجودية الكوب.

قام بفتح زجاجة السيارة ورمي الكوب.

حُلّت جميع مشاكله.

تعلّم هذه الحيلة مِن إحدى الكبار في مُحيطه عندما كان صغيرا.

أطفأ السيّارة وفتح الباب مغادرا إياها.

دعس الكوب بقدمه. اتسعت عيناه متفاجئا بأن الكوب لا يزال موجودا!

حكّ رأسه مستغربا فقد ظن أنه قد تخلّص من الكوب للأبد!

لم يستطع فهم الموضوع فقام بركل الكوب دافعا إياه تحت سيارته.

لم يعد يرى الكوب, لم يعد الكوب موجودا.

ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة مُعجبا بقدرته على ابتكار حلول عملية لمشاكله اليومية.

ابتعد متجها لبيته.

ظهرت قطة من تحت السيارة تتحسسُ رأسها وتمسكُ بكوب القهوة الذي لا يزالُ موجودا!

انهالت عليه القطة بسيل من الشتائم واللعنات الغير مناسبة للطباعة.

وضعت القطة حَجَرَةً ثقيلة في الكأس.

لحقته القطّة واستوقفته قائلة بحنق وغضب: "مياااااوو"

رمت القطّة الكأس في وجهه بقوة فانكسر أنفه وهوى على الأرض فاقدا الوعي.

استيقظت القطّة من حلم اليقظة الذي كانت تعيشه.

سلّمت القطّة أمرها لله فأخذت الكوب ووضعته في حاوية النفايات.

ولم ينتبه البشري الحيوان أنّ الحيوان القطّة أكثر ذكاءا وتحضرا من حضرته.

8/07/2014

حشرة شرودنقر

كُنتُ جالسا في شقتي على كنبتي لا أفعل شيئا عدا الانغماس في أفكاري العميقة.
 
تزحلقت سعبولة على خدّي فعيشي في عالم افتراضي بديل يستهلكُ مُعظم تركيزي وانتباهي ويتركني أقومَ بأعمال ساذجة على أرض الواقع.
 
حسنا, أنا ساذج, أو فاهي, كما تُفضّل أن تدعوني. هل أستطيع استكمال سرد قصتي الآن؟
 
أين كنت؟ نعم, تنبهتُ لسيولة السعبولة على خدّي فنهضتُ لكي أأخذ منديلا أمسح به سعبولتي المنسكبة.
 
مشيت لأقرب صندوق مناديل على طاولة الطعام وأخذت منديلا وقمتُ بمسح السعبولة.
 
يبدو أن منديلا واحدا لم يكن يكفي فأكثر السعبولة لا تزالُ سائلة على خدي.
 
تبّا لفهاوتي!
 
أخذتُ مناديل أخرى ومسحتُ بقيّة السعبولة حتى غدا خدي جافّا كصحراء في أواخر جولاي.
 
عندما انتهيت من مسح السعبولة تنبهتُ لشيء لم أكن أتوقعه.
 
على الطاولة بجانب كرتون المناديل كانت هناك حشرة عملاقة لم ترَ عينيّا مثلها قط. حجمها يوازي حجم صرصور يتناول المنشطات.

لو كانت هُناكَ جائزة كمال أجسام للحشرات لفازت بها هذه الحشرة حتما.
 
كانت الحشرةُ جالسةً لا تفعل شيئا ولا تتحرك. ربما كانت نائمة. أو لعلها كانت "منغمسة" في أفكارها العميقة.
 
تطلعتُ إليها لبضعة ثوانٍ مستخدما عدسة مُكبرة متفحصا إياها بفضول معرفي.

حسنا, كنت أأمل أن تُسعبل وتكون بيننا بعض الاهتمامات المُشتركة.
 
مرت بضعة دقائق. لم تُسعبل. خابت آمالي.

يجدر بي التخلص منها ففكرة أن تتقبل الحشرة مقترح تقسيم إيجار الشقة بيننا مُستبعدة.
 
فكرتُ قليلا باستراتيجية للتخلص من الحشرة ثم أخذت بضعة مناديل ووضعتها في يدي وحاولت إمساك الحشرة بالمناديل تمهيدا لسحب السيفون عليها, حرفيا.

رمي الحشرة في الزبالة يُعتبر مثل إعطاء شقة نيويوركية فاخرة لمشرد ينام أسفل عمارة الشقة إياها ورضى الحشرة وراحتها ليسا غايتي هنا.

طردها أو ركلها خارج الشقة مُخالف للذوق العام إذ ربما عزمت نفسها على شقق أحد الجيران.

نعم, خيارُ سحبُ السيفون عليها يبدو الأنسب.

وضعت يديّ معا كحارس كرة قدم يُريد صد كرة بمنديل كي لا تتسخ يده وحاولتُ الإمساك بالحشرة.

لو كانت أختي هُنا لتحولت القصة لفلم رعب يُعرض ليلة الهولوين في سينما قديمة كئيبة لا يترددها أحد.

تحركت الحشرة فور اقترابي منها قافزة بطريقة بهلوانية مسافة متر في الاتجاه البعيد عني.

انخرشتُ إثر حركة الحشرة المُفاجئة متفهما -بعينين متسعتين- أن المهمة لن تكون بالسهولة التي ظننتها.

لحقتُ الحشرة مُحاولا الإمساك بها مُجددا ولكن مُحاولتي الثانية بائت بالفشل. وكذلك الثالثة, والرابعة, والخامسة.

أصبحتُ أقفز حول الغرفة ملاحقا الحشرة وكأنما كانت مدينة لي بمال في فلم مافيا من السبعينات الميلادية.

لم أعد أريد الإمساك بها وحسب, كانت الحشرة مطلوبةً حيّة أو ميتة في هذه اللحظات.

غالبا ما كانت الحشرة تتسائل عن السبب الذي يدفعني للإمساك بها. أتفهم موقفها.

وجوديتها في حدّ ذاتها كانت سببي, أضف على ذلك عنادها الغير مُبرر -من وجهة نظري- بالنسبة لموضوع إرادتي قتلها والتخلص من جثتها بطريقة غير مُشرّفة.

استطعتُ الإمساك بها أخيرا بعدما رميتُ جسدي على الأرض في حركة تُضاهي لاعبة كرة طائرة الشواطى في مُناسبة أولمبية عالمية.

أمسكت بالمنديل بقوة لكي لا تفرّ الحشرة المتطفلة على مساحتي الشخصية.

أصطحبتها للحمام حيث مُثواها الأخير.

رميتها في كرسي الحمّام. ارتعش جسدها إثر برودة الماء المُفاجئة.

سحبت السيفون عليها بسرعة. دارت بها دوامة الماء المسحوب واختفت كأن لم تكن.

تنفستُ الصعداء. أغلقت باب الحمام خلفي واستأنفت نشاطاتي السعبولية.

*****

أغلق ساعساعينو باب الحمّام خلفه بعدما سحب السيفون على الحشرة.

مرت قُرابة الدقيقة.

صدرت فقاعة من أسفل الماء الموجود في الكرسي.

بعد قرابة الخمسة ثوانٍ, تبعتها الحشرة تغوص ببطء في الماء متجهة لسطحه.

وصلت الحشرة للسطح ثم للشط وسحبت جسدها بيديها أو جناحيها أو أيّا كانت تلكم الأشياء.

كانت الحشرة تلهث متنفسة بسرعة.

ضاقت أعين الحشرة وانعقدت حواجبها العديدة ملوحة بقبضتها مُريدة الانتقام.

ابتعدت الكاميرا عن الحشرة على ساوندتراك درامي جامد.

*****

تنبهتُ لنفسي فجأة وأنا جالس على كنبتي مستيقظا من حلم اليقظة الذي تخيلت فيه أن الحشرة التي سحبت عليها السيفون للتو قد وجدت طريقة للرجوع إلى فضاء شقتي وهي تلوّح بقبضتها مريدة الانتقام على ساوندتراك درامي جامد.

قمت متجها للحمام, فتحتُ الباب, تفحصت الكرسي, لا يوجد شيء.

ضحكتُ إثر خيالي الواسع ومقالقي الغير مُبررة.

خرجتُ من الحمّام وأغلقتُ الباب خلفي.

*****

*قبل عشرة دقائق*

يمسح ساعساعينو سعبولته بمنديل أخذه من صندوق المناديل الذي يعلو طاولة الطعام.

يتأمل المساحة أعلى الطاولة بجانب الصندوق.

يتفحص المساحة بعدسة مكبرة.

يمسك عدة مناديل ويلاحق خياله حول الشقة لبضعة دقائق في مشهد ملحوس.

يتجه للحمام ويسحب السيفون على لا شيء.

يتنفس الصعداء.

يُغلق باب الحمام خلفه ويعود ليجلس على الكنبة والكاميرا تقترب من وجهه الذي يتأمل الكاميرا وتعلوه ملامح البراءة والجنون على ساوندتراك درامي جامد.

7/07/2014

وجوه بلا رؤوس: أسئلة وجودية

التالي هو أولى مُحاولاتي في الآنيميشن. قمت بتنفيذ العمل كاملا على الآيپاد من الكتابة للرفع بما في ذلك التسجيل والمكس والرسم والتحريك والمونتاج. لايك وشير اذا أعجبكم


6/28/2014

الصندقة والموز

4:45 م
*أتوقف عند نقطة تفتيش في الخط*
*يتفحص الشرطي أوراقي الرسمية، كلّش تمام*
الشرطي قافطا: مظلل اللي قدام؟
أنا متفحصا القزازة: اممم ايه هههه
الشرطي بنبرة حازمة مستقعدة: لبّق وفكها
أنا بابتسامة عريضة فاهية: طيّب ابشر
*ألبق*
*بعد خمس دقايق*
الشرطي مستغربا: ما فكيتها؟! اخلص علينا
أنا منبلفا: ما عرفت والله هههههه
*يتفحص الشرطي القزازة*
*بعد دقيقتين*
الشرطي بلكنة استنتاجية: شكل ما في تظليلة يبو
أنا موافقا: هههههههه إيه والله، الله يرجني شكل ما فيه لول
الشرطي شاكّا في وضعي: وشو ما تعرف انت مظلل سيارتك ولّا لا؟
أنا: هههههه لا والله، جلّ من لا يسهو
الشرطي بعد نظرة تفحصية يحاول من خلالها استكشاف دواخلي: افتح الشنطة
*أفتح الشنطة*
*يُصعق الشرطي لما يرى*
الشرطي مُنفجعا ومُشيرا لما بالشنطة: ليش عندك ٨ كراتين موز في الشنطة؟
أنا مستغربا من ردّة فعله الغير مبررة: أقدّر الموز، وشفيها؟ لا يكون فيه قانون مدري عنه يقول ما يصلح تحمّل موز في شنطة سيّارتك وتمسك الخط؟
الشرطي منصدما للمنطق: .. لا .. بس أنت ملحوس ياخي
أنا موافقا إياه وقد عادت لملامحي سمات الفهاوة: ههههههه ياه من جد! خلاص أمشي؟
الشرطي مترددا: الله معك
*أسكّر الشنطة، أركب السيّارة، أمتطي الخط*
*****
*بعد ساعة ونصف، قبل الغروب بربع ساعة، في عُمق الصحراء*
*ألبّق سيارتي عند صندقة على خلفية صوت ماطور كهرباء مُزعج*
*يخرج قرد من الصندقة, ينزل درجتين للأرض*
القرد مزبدا: بدري يبوي! ما بغيت تجي!
أنا: هههههههه ياه من جد
القرد منلحسا: وراك تضحك؟ جبت البتاعة؟
أنا ضاربا بيدي على صدري: إيه ما عليك
*أناوله كيس يحتوي على مخدرات*
القرد: يلبّى المخدرات
*يهم القرد بالدخول في الصندقة*
أنا معنفا: وين رايح؟؟ تعال دخّل معي الموز
القرد مستدركا: مدري وش الله محببك في ذا الموز أنا وأنا قرد ما أحبه زيك
أنا موافقا القرد: هههههههه من جد
*أدخل الموز في الصندقة مع القرد على مشهد غروب يكتنفه الغموض في مُنتصف اللامكان*
*ساوندتراك درامي جامد*
*****
*تتسلل أولى أشعة الشمس من بين عدة سحب متفرقة على الأفق الصحراوي البديع وخلفية صوت ماطور الكهرباء المزعج وأصوات إزعاج من داخل الصندقة*
*يرتفع صوت الازعاج شيئا فشيئا*
*ينفتح الباب فجأة وبقوة ويلف بسرعة حول محور دورانه مئة وثمانين درجة ليصطدم بجدار الصندقة بقوة*
*ينبعث دخان كثيف من داخل الصندقة ويخرج القرد بوجه متجهم يزحف بيديه بينما رجليه غير قادرتين على الحركة*
*يواصل الزحف باتجاه السيّارة وهو يلهث*
*يزحف قرابة  منتصف العشرة أمتار الفاصلة بين السيارة والصندقة*

تصوّر واقعي للمشهد بريشة الكاتب


*أخرج أنا فجأة من باب الصندقة وأنزل خطوتي الدرج الصغير وأمشي باتجاهه بخطوات سلسة وأنا ممسك بموزة مُقشّر نصفها العلوي*
أنا ضاحكا: هههههههه الله يرجّك, يا حِبّك للدراما
*يقف القرد وتختفي ملامح التجهم من على وجهه مُسْتَبْدَلَةً بملامح الغضب*
القرد مزبدا مجددا: ياخي عطني جوّي, مسوّي دخول درامي مُفاجئ ودخّان وحركات وخربته
أنا بنفس الابتسامة وملامح الفهاوة: ههههههه من جد والله معليش لول
القرد: أقول لك ياخي لازم تكون درامي بكل شي تسويه اذا تبي في يوم من الأيام تفوز بأوسكار
*يتطلّع القرد للأفق البديع في مشهد درامي, يُدير رقبته متفقدا الأفق الكامل والمحيط*
القرد مخاطبا إيّاي مُشيرا بسبّابته للأفق البعيد: وش ذاك البعيد؟
أنظر للأفق البعيد وأرى حمامة على بعد قرابة 200 مترا تقريبا وأقول: اممم مدري كنه حمامة تمشي باتجاهنا
*أتبادل أنا والقرد بضعة نظرات ملحوسة وكأن كلينا يأمل أن يعلم الآخر مالسالفة*
القرد مستغربا: وش تتوقع سالفتها؟
أنا: خل نسألها, *مشيحا بيديّ* يالحماااامة يالحماااامة
*صوت صراخ الحمامة البعيد غير المفهوم*
القرد: تدري وش تقول؟
أنا: لا, خل بصارخ بصوت أعلى يمكن أفهم صراخها
*يتأملني القرد مستغربا من مستوى غبائي المتقدم ولكنه يتركني أتعلم عن طريق أخطائي*
أنا: يالحماااااااااااااااااااااااااااامة
*صوت صراخ الحمامة البعيد غير المفهوم*
أنا: مااااش شكلنا لازم بنحتريها لين تقرب شوي
القرد: أصلا ليه قاعدة تمشي الملحوسة, ويا بطأها متى بتوصل ذي ووش جايبها أصلا؟!؟!؟؟!
*ننتظر حتى تصل الحمامة الملحوسة لنطرح عليها أسئلتنا*
*****
*مسلسل من ظنوننا الخاطئة أن الحمامة قد اقتربت بما فيه الكفاية لنفهم همهمتها*
*الحمامة على بُعد 20 مترا*
أنا للمرة التاسعة عشرة: يالحماااااااااااااااااامة
الحمامة وقد بدأ صوتها يتضح بالكاد: خلاص خلاااااااص سمعتك أول مليون مرة, أنا أصلا جاية أمشي باتجاهكم, وش تبي يخوي؟؟؟؟؟؟؟
أقول مستوعبا غباء موقفي: ههههههههه من جد, كيف الحال, وش السالفة وش عندس؟
الحمامة بعد وهلة صمت وقد توقفت على بُعد 4 أمتار عني والقرد مُحافظة على مساحتها الشخصية: أبد والله قاعدة أتمشى في فيافي الصحراء
القرد: ليش تمشين؟
الحمامة: ما فهمت, كيف يعني؟
القرد: ليش ما تطيرين يعني؟
الحمامة: وليش أطير؟
القرد: لا بس الله معطيس جنحان فليش تمشين؟
الحمامة مستوعبة مصدر اللبس في الموضوع: آهاا, أولا سؤالك اقتحام لخصوصيتي, ما لك صلاح, ثانيا انتم ليش تفترضون اني بأطير لكل مكان؟ الله معطيني جنحان ومعطيني رجول بعد! سبحان الله الإنسان دايما يشوف الأشياء اللي مب عنده ويطلق افتراضات *مقلدة صوت البشر مستهزئة* "لو أنا عندي جنحان كان طرت, الحمامة عندها جنحان فالمفروض انها تطير!" لا ياخي, عندنا رجول بعد
*لحظة صمت آكووردي إثر عصبية الحمامة الغير مُبررة, أو المُبررة*
أنا محاولا قطع الصمت الآكووردي: طيب حيّاس معنا تفضلي
*تدخل الحمامة الصندقة معي والقرد بعد سؤالها إذا ما كُنتُ والقردُ من آكلي لحوم الحمام وإذا ما كانت عزيمتنا لها استدراجا لنختلي بها ونذبحها ونفينا لمزاعمها ولحظة صمت آكووردي أخرى*
*****
*تجلس الحمامة على منتصف الكنبة الكبيرة بينما أجلس أنا على كرسي في الجهة الأخرى*
*يقوم القرد بتحضير القهوة لها في مطبخ الصندقة*
*أتامل الحمامة بملامح مبهورة فاهية*
*تتجاهلني الحمامة وتتأمل معالم الصندقة من داخل وتلاحظ كراتين الموز في الزاوية*
الحمامة هامسة لي وغامزة باتجاه القرد: أجل القرد يحب الموز؟ ههههههههههه
أنا مشاركا إيّاها الضحكة: ههههههههههه لا ذا الموز حقي ✌
*تتبخر ضحكة الحمامة المنلحسة*
*يعود القرد ويناولها كأس القهوة السوداء*
الحمامة: تسلم الأيادي يلغلا
القرد: الله يسلمس
*تشم الحمامة القهوة وتضعها على الطاولة متحججة بحرارتها وكأنما كانت غير واثقة إن كانت صالحة للشرب بينما أتأملها أنا والقرد الجالسين على كرسيين في الجهة الأخرى من الصندقة في إشارة واضحة لتوزيع القوى داخل الصندقة*
*تستمر الحمامة في تأمل معالم الصندقة*
*تلاحظ كيس المخدرات المفتوح على الطاولة*
الحمامة مشيرة بجناحها للمخدرات: وشذا؟ مخدرات؟
أنا: إيه ههههههههه
القرد معنفا إيّاي: لا تقول لها انه مخدرات يا غبي, افرض انها مباحث ولّا شي؟
الحمامة: ههههههههه لا منب مباحث, بس ارفعوا أياديكم
*تصوّب الحمامة مسدسا لي وللقرد في إشارة واضحة لاختلال ميزان القوى داخل الصندقة*
*أرفع أنا والقرد أيادينا وعلى وجهينا ملامح المتفاجؤ*
القرد لي حانقا: شفت يا غبي؟ ابلش يالله
*تلتقط الحمامة كيس المخدرات وتخرج من الصندقة مبقية مسدسها موجها لنا طيلة الوقت*
*تطير بعيدا*
*تضحك الحمامة بجنون*
*****
*تحطُّ الحمامة على طعس في الصحراء وتضع كيس المخدرات على الأرض*
*تفتح الحمامة كيس المخدرات وتستنشق القليل جدا من البودرة البيضاء*
*تشعر الحمامة إن فيه شي غلط*
*تلحس الحمامة المخدرات بلسانها*
*تُصاب بالصدمة*
الحمامة بغضب: سكّر يا ملاحيس؟ قاعدين في نص البر وجوّكم موز وسكر يا أغبياااااء؟؟؟
*تركل الحمامة الرمل صارخة وتتبدد صرخاتها في الهواء*
*****
*تخرج الحمامة من الصندقة*
*تطير بعيدا وهي تضحك بجنون*
*نتبادل أنا والقرد نظرة وجيزة*
*ننفجر ضاحكين*
*نتسدح على الأرض من الضحك*
القرد: الله يرجّك يا شيخ, ايه مُخدرات هههههههههه
أنا: ههههههههههههه من جد, وشرايك بس؟
القرد وهو ينقلب على بطنه: هههههههههه الله يلعن ابليسك
أنا: هههههههه تربيتك استازي, ولّا انت, لا تقول لها انها مخدرات ههههههههه  دراما, أعطيك أوسكار صراحتن
القرد: الله يسلمك يا صديقي
ينهض القرد وهو يمشي للمطبخ: من اللي يخلّي كيس مخدرات مفتوح على الطاولة؟ وش تحسب؟ أول يوم لنا في صندقة في منتصف الصحراء؟ هههههه
أنا: ههههههه من جد
*يتوقف القرد قبل أن يصل المطبخ*
*ينحني ويفتح درجا سريا في الأرض يخرج منه كيسا*
القرد: كذا توّزي المخدرات يبو, الحمامة تحسب إننا ما شفنا بريكنق باد ههههههههه
أنا: ههههههه من جد
*يتناول القرد المخدرات بالملعقة لزوم الاتيكيت بينما أقوم بتقشير موزة أخرى ونحن نضحك على الحمامة الغبية التي لم تُشغِل نفسها بتفحص جودة المُنتج قبل سرقته*
*ساوندتراك درامي جامد على لقطة درامية رهيبة زوم آوت من خارج الصندقة كما يريد حضرة المخرج القرد*

5/30/2014

أكاديمية الكوميديا

يوم الاثنين:

كانت الساعة تقترب من الرابعة عصرا والجو لطيف جدا عندما كانت البطة تمشي مع رفيق دربها الخروف على أرصفة المُشاة في شوارع داونتاون مدينة الحيوانات الغير مزدحمة.

رأيا سيارة أجرة تقف على بعد قرابة 30 مترا أمامهم ينزل ضفدع منها وهو ممسك بحقيبة كتف ويرتدي قبعة مقلوبة ويمشي مستعجلا لمدخلا في عمارة.


بطبيعة الحال, تأجّج فضول البطة والخروف ونظرا إلى بعضهما نظرة وكأنّ كليهما يأمل أن يطلعه الآخر عن "ما هيّة السالفة؟".

عندما اقتربا بجانب المدخل تنبها ليافطة بجانب المدخل مكتوب عليها "كلاس أساسيّات الكوميديا: التسجيل مفتوح".

سألت البطة الخروف: كواك وشو يعني كوميديا؟

وردّ الخروف هازّا كتفيه: مآآآآء أعرف والله, يمكن زي الطبخة ولّا كذا.

تنبها عندها لسنجوب الماشي من خلفهم وهو يقول مقتحما المُحادثة: كوميديا يعني القدرة على جعل الناس يضحكون.


لم يتوقف سنجوب الذي كان يعتنق حقيبة كتف أيضا ويبدو أنه متوجه لذات الكلاس.


قرّرا البطة والخروف بعد تبادلهما إحدى نظراتهما العديدة الفارغة المعنى والمضمون أن يلحقا بسنجوب لكي يستطلعا عن طبيعة السالفة وما هيّة هذه الكوميديا التي يبدو أن الجميع مهتم بأمرها, دخلا خلف سنجوب وصعدا الدرج ومشيا خلال ممر طويل تابعين سنجوب حتى وصلا لعند القاعة التي دخلها سنجوب ودخلا خلفه.

كان البرفسور العنز المُلتحي معتليا المنصة في القاعة التي كانت على شكل مُدرج وصوته يلعلع على مسمع الجميع عندما وَلَجَا البطة والخروف مع الباب الخلفي وجلسا في منتصف القاعة تقريبا.

"خُلاصة الموضوع يا رفاق أنّ الكوميديا تعتمد بشكل رئيسي على قدرتك على توظيف عامل المفاجأة لصالحك عن طريق أخذ الأفكار المتسلسلة في اتجاه غير مُتوقع وعندما تتمكن من ذلك يكون باستطاعتك سحب البساط من تحت الجمهور وانتزاع ضحكاتهم بغض النظر عن القالب الذي تقدَّم من خلاله هذه الكوميديا"

نظر البروفسور العنز إلى ساعته ثم قال "أعتقد أنه وقت المُحاضرة قد انتهى اليوم نراكم الأسبوع القادم"

انصرف الطلاب ولم يعلم البرفسور العنز أنه قد زرع بذرة مصائب في عقلي البطّة والخروف.

*****

يوم الثلاثاء:

كان البرفسور العنز يركض على رصيف المُشاة في ساعة الصباح الأولى ممارسا روتينه الرياضي اليومي واضعا سماعات الآيبود في أذنيه.

لاحظ البرفسور غوريلا كبيرة الحجم كانت تتطلع إليه وترتدي ملابس عمال البناء وخوذة على جانب الرصيف بجانب حفرية بالشارع.

لم يعرها الكثير من اهتمامه فقد رجّح أن وجودها كان أمرا اعتباطيا عشوائيا ليس له ثمة سبب واضح محدد ككل الأشياء في هذه الحياة.

عندما اقترب منها وأصبحت المسافة بينهما أقل ما يمكن التفتت له الغوريلا فجأة وصفعته كفا جامدا بحركة سريعة.

لم يستطع الدفاع عن نفسه لسرعة حدوث كل شيء.

خرّ العنز صريعا على الأرض فاقدا الوعي.


*****

استيقظ البرفسور العنز ورأى بضعة عصافير تطير فوق رأسه. قام العنز بهشهم وعندما ابتعدوا رأى وجوه بطة وخروف وغوريلا ينظرون إليه.

قالت البطة: كواااااااك (ترجمة: ههههههه) وشرايك بس؟

قال البرفسور بوجه لا تزال عليه آثار الصفعة وهو لا يزال منسدحا: وشو وش السالفة؟

قال الخروف مُوضحا: مآآآآء فاجأناك؟ كوميديا! اضحك يالله

قال البرفسور العنز الذي اعتدل جالسا: وشو كوميديته؟

قال الخروف: مآآآآء قلت انت إن الكوميديا مفاجأة وإذا قدرت تفاجئ الناس ضحكتهم؟ قلنا للغوريلا تفاجئك وتصفقك كف جامد

ثم التفت الخروف للبطة وقال: مآآآآهوب المفروض إنه يضحك الحين؟ شالسالفة؟

قاطعه العنز الغاضب: يا دلوخ مب كذا المفاجأة, المفترض يكون فيه سياق أحداث مُتوقع وسياق أحداث مُغاير والفرق بينهم يُولّد الضحك, الهدف توليد الضحكة تلقائيا كردة فعل.

قال الخروف مستفسرا: طيب مآآآء هي المشكلة؟

وردّ العنزُ مزبدا: انتم أفقدتوني الوعي يعني ما أعطيتوني فرصة لتحليل الوضع وإني أضحك.

نهض البرفسور العنز مُزمجرا "يصفقون الواحد كف ويبونه يضحك, لابوكم لابو آبوكم على كوميديتكم" وانصرف تاركا الغوريلا والبطة والخروف خلفه وهم يعطونه إحدى نظراتهم العميقة المستغربة عدم تقديره لكوميديا الموقف التي ظنوا أنهم أبدعوا في خلقها.

*****

يوم الأربعاء:

كان البرفسور العنز جالسا على مكتبه في جامعة مدينة الحيوانات بعد قضائه من إعطائه آخر مُحاضراته لذلك اليوم.

اعتدل جالسا واضعا يديه داخل جوانب المقعد وهو ينظر بشرود لسطح مكتبه الغير مرتب مُحاولا جمع أفكاره وترتيبها.

اشتمّ رائحة غريبة لم يستطع تحديد مصدرها بسهولة. لا يُهم ذلك الآن فلديه العديد من المهام التي يتوجب عليه القيام بها.

فتح درج مكتبه وقام بوضع يده داخل الدرج ليأخذ دبّاسة بينما كانتا عيناه باقيتين على سطح المكتب.

أحسّ بشعور غريب ينتابه فنظر إلى الدرج فوجد يده مغروسة في مائع شبه متجمد.

"آآآآآآآهـ"

حاول انتزاع يده من الدُرج ولكن يبدو أن المائع كان صمغا من النوع الذي يتجمد بمجرد ملامسته للأجسام الغير متجانسة مع كينونته.

*****

*بعد ١٥ دقيقة*

وقفت البطة والخروف خلف المكتب بينما كانت حيوانات الدفاع المدني يحاولن تخليص البرفسور العنز من الصمغ الدائم الذي وضعاه البطة والخروف في الدرج كنوع من الكوميديا.

قالت البطة: كواك والله معليش يا دكتور حنا لاحظنا إنك ما تطالع في الدرج إذا جيت تاخذ منه أشياء قلنا نطبّق الكوميديا وفي نفس الوقت ما نفقدك الوعي عشان تقدر تحلل الموقف

لم يقل البرفسور العنز شيئا وهو واضع وجهه في راحته الغير مُصمغة على طريقة الفيس بولم وأتبع الخروف: مآآآء توقعنا إنك بتزعل والله يا حضرة الديناصور

وقالت البطة مصححة للخروف: كواك اسمه بير في السور مب ديناصور

وصححهما القرد العامل في الدفاع المدني وهو يُحاول تخليص يد البرفسور عن طريق قص الصمغ من حولها بمنشار تجهيزا لنقله إلى عيادة تجميل: اسمه موب بير في السور; برفسور يا ملاحيس, ممكن تتفضلون برى عشان نشوف شغلنا؟

خرجا البطة والخروف مطأطئين رؤوسهما وهم غير مستوعبين فشل جهودهما في خلق كوميديا تُبهر البرفسور العنز.

*****

يوم الخميس:

وقف البرفسور العنز في مستودعٍ مُلحق أعلى بيته.

كانت يده لا تزال مضمدة بعدما قام طبيب التجميل بقيامه كل ما يستطيع القيام به من أجل إزالة الصمغ الدائم الذي وضعاه البطّة والخروف في درجه.

يهمّ بالبحث عن بعض الأوراق القديمة التي طلبتها منه الجامعة لسبب غير واضح.

لم يسبق لمكتب "العلاقات العامة" أن اتصل به قبل الآن. في الحقيقة لم يكن يعلم بوجود المكتب أصلا.

عطس بضعة مرات نظرا لوجود بعض الغُبار في هواء المستودع.

لاحظ جسما غريبا على شكل حقيبة معدنية لامعة لم يظن أنه قد وضعها هُنا ولا يوجد عليها غُبار كباقي مُحتويات الغرفة.

استرعت الحقيبة انتباهه فرفعها وفتحها ووجد فيها قنبلة موقوتة عليها ساعة الكترونية عليها أصفار في كل خاناتها.

"وت ذا فك؟" قال البرفسور لنفسه.

لمس القنبلة مُحاولا التعرف على هويتها أكثر ومحاولا فهم معنى الأصفار على الساعة الالكترونية للقنبلة.

بمجرد مُلامسته للقنبلة اختفت الأصفار للحظة ثم بدأت الساعة تعد تنازليا من 30 معطية إياه 30 ثانية للهرب أو لفك القنبلة.

انتابه الهلع وسرت رعشة في جسده ولكنه حاول التحكم بأعصابه.

قدّر من حجم القنبلة أن مداها غالبا ما سيصل أي مكان يستطيع الهرب له خلال ٣٠ ثانية فحاول أن يُعطل القنبلة عن طريق قطع السلك المُناسب.

حاول تذكر كل ما قد يمكنه تذكره من قراءاته السابقة ومشاهدته للأفلام الوثائقية وأفلام الآكشن مُحاولا تحديد السلك الذي لو قطع لتعطلت القنبلة ولم تنفجر.

الثواني تمر بسرعة.

عندما بقيت قُرابة العشرة ثوانٍ قرر البرفسور العنز أن يفصل سلكا رجّح أنه غالبا ما يكون السلك الذي يعطل القنبلة فانتظاره حتى تنقضي العشرة ثوانٍ موتٌ محتّم.

فصل البرفسور العنز السلك.

كان السلك الخطأ.

انفجرت القنبلة.

*****

وقفا البطة والخروف على تلة تُطل على أفق بديع قُبيل الغروب.

كانا ينظران باتجاه الريف على أطراف المدينة مستمتعين بالمنظر البديع والصمت اللذيذ, أو هكذا بدا لمن قد يراهما.

بعد مرور بضعة دقائق دوى صوت انفجار من أحد البيوت التي كانت تطل عليها التلة التي كانا ينظران إليها وطارت شعلة كبيرة وعلا الدُخان.

قالت البطة متسائلة للخروف: كواك تتوقع إنه ضحك قبل ما تنفجر القنبلة؟

قال الخروف رادا على سؤال البطة: مآآآآء أتوقع إنه مآآآآء يضحك, وفّينا بكل شروط الكوميديا على مآآآآء أظن.

وأتبعت البطة موافقة إياه: كواك فعلا, كان فيه سياق متوقع, إنه يطلع الأوراق اللي طلبناها منه لما تظاهرنا إننا مكتب العلاقات العامة في الجامعة, وسياق مُغاير صنعناه بأنفسنا, بوضعنا القنبلة في المستودع, وعطيناه مُهلة ثلاثين ثانية لأنه يحلل الموقف ويضحك عالكوميديا.

ثم استدارا البطة والخروف منصرفين وبدا كأنهما يمشيان باتجاه شمس الغروب والخروف يقول: أتوقع أكيد أكيد إنه ضحك, صعبة مآآآآء يضحك يعني ههههههههه.

اختفت أصواتهما تدريجيا بابتعادهما.

وسرت رائحة الكوميديا في أرجاء المكان....

5/25/2014

The Steel Edifice

The following is an excellent translation of a story I originally wrote in Arabic (available here البناء الحديدي). The translation was done by my friend Nayef Abduljabbar (his personal blog available here The Eternal Insomniac). Enjoy.

With heavy eyelids he opened his eyes slightly after slumbering for an unknown amount of time. The man lay on his stomach on top of a thin, spongy pillow.

The expression on his face was indicative of how exhausted he still felt, and that his awakening was not of his own volition.
 
He still hadn't fully opened his eyes; it was an involuntary reaction to the brutality of sunlight that filled his surroundings. The rays woke him up and made his pupils dilate.

The air was really cold.



He took a look at the sky above him. It was clear save for a few scattered clouds. The sun hung away from the middle of the sky, which had him guess that it was early morning judging from the white-like pure shade of yellow it gave out.

He discerned that he had slept in open air.

“Where am I? And what am I doing here?” he asked himself.

He rolled over to lie on his back and attempted to situate himself slowly while battling his exhaustion.

The wind was a little rough.

He only had short, blue boxer-briefs on; they were as blue as a medical intern’s scrubs complete with a white pair of sneakers.

The man appeared to be in his mid-20s with an athletic physique.

He hugged himself trying to maintain some warmth as he looked around.

The spongy pillow he slept on was centered on a square floor that rose above the ground.

It appeared that the floor was made of steel grating not unlike the one used in fire escapes. He estimated the dimensions to be around 65 by 65 feet.

He stood up, took a step outside the perimeter of the pillow and looked down.

A little panic got the best of him, as he wasn’t ready to see that.
 
He was on top of a building that comprised several floors and each floor was made of steel grating such as the one he stood on.

Because of the transparency of the floors, he could barely see the floor directly below him but none of the ones that followed.

He decided to avoid looking down and to just focus on the grating itself.

Being mysteriously situated at this height for unknown reasons unnerved him somewhat.

He walked towards one of the edges of the building in order to see what lay beneath it.

There were no sounds besides those of his consistent steps over the fence along with cold wind.

He slowed his pace for fear of falling over the edge when he noticed that the building was more than three floors high.

The horizon started appearing to him as he reached the edge. White snow covered the nearby hills for as far as he could see, which only added to the direness of his situation.

He raised his eyebrows even more than they had already been.

He stood about five feet away from the edge. His breathing hastened once the gravity of the situation had sunk in coupled with not knowing what to do or what he was supposed to be doing.

The mighty edifice was somewhere between 300 to 330 feet tall in his estimate.

In feeling scared he took a step back and fell on his buttocks, which hurt as they collided with the cold fence.

He sat on the floor where he began to ponder.

"How did I get here?" he wondered. If he couldn’t remember that, did it mean that someone placed him here? Why couldn’t he recall where he was before he awoke? Why was he put on top of this strange structure?

Following the lack of answers to his questions, he concluded that thinking will not do him any good and that he should try to do something to get out of this mess.

He picked himself up and stood there with a straight back. The blowing win became noisier and he hugged himself again to try to elevate his body temperature.

He walked along the sides of the building clockwise and staying around three feet away from the edge at all times.

There was snow everywhere.

He took steps parallel to two adjacent sides of the square and hadn’t noticed anything new that would provide him with valuable information. As he passed by the third side, he noticed a narrow paved road that could barely fit two cars and it wasn’t covered by pure white.

This place is inhabited.

He walked until he reached the corner connecting the third and fourth sides.

Looking down, he saw a parked SUV sitting at the bottom of the building. The driver’s door was open and its motor seemed to be running; he deduced this owing to the heavy smoke emitting from the exhausts. It was as if the car called on him to drive it away.
Was it a trap? Was it his path to salvation? Was it the mode of transport that brought him here?

He didn’t have a lot of choices. Staying here meant imminent death and thus he needed to find a way down, into the car and out of this place.




Blood pumped through his veins following the formulation of a plan and becoming equipped with the necessary and logical incentive to escape from here. He extended his arms towards the fourth side of the floor of this building that he’s on top of for whatever reason.
 
Was there a specific reason, though? Was there supposed to be one? Was he entitled to one? Who gave him that entitlement?

None of that mattered now.

He found a metal ladder in the middle of the fourth side linking this floor to the one beneath it and it stopped there.

It would be a grave risk to attempt descending a ladder that clearly held up to no safety standards, he thought.

Should he go down?

He decided to wait for a few minutes on the off-chance that a car would pass by and grab its attention one way or another.

He stood in his place for a couple of minutes. No cars emerged.

The extreme cold sent a shudder running down his spine and he decided to pace along the side facing the road to generate some much-needed heat for his limbs as he waited.

Three minutes passed by. No cars.

He had no choice but to climb down.

With a sigh he summoned his nerves, took a deep breath and stepped towards the ladder.

When he finally reached it and peered over the height he was going up against, his heartbeat intensified.

He never had an above-average fear of heights but what he was in the process of doing was capable of pumping fear into the strongest of hearts. Adding to it the fact that there was nothing to protect him should he trip and fall over.




The young man turned and walked sideways so he would be able to descend the ladder without needing to look down.




Slowly and carefully he bent over and placed his hand on the surface thrusting his fingers through the cold metal.




He positioned his foot on the first step of the cold metal. Right after that the he moved the other to the second step. He climbed down steadily until his hand reached the first step and so on until he passed the midway point.

That’s when the intensity got the best of him. He questioned whether the amount of anxiety he felt was warranted.

After sneaking a peak down to the ground, he couldn’t handle the magnitude of what he saw and sensed his heart fall to his stomach while his breathing quickened as clutched tightly to the ladder.




A harsh wind blew suddenly and he lost his balance. His left hand and both feet went off the ladder and the only thing separating him from assured doom was his right hand, which tightened and had him stuck for a couple of seconds.

All his survival instincts kicked in and adrenaline pushed its way through his veins and he was able to bring back his left hand to the steps. After restoring balance, his feet were back on the ladder, too, despite the merciless winds.

He went down the rest of the steps and set his feet on the floor of the level right below the top one.

When he stood on his feet again he unleashed a barrage of curses and swears in an engorged, booming voice, yet he didn’t know who he aimed it towards. It was frivolous since his screams merely dissipated into the air.

He bowed and panted, taking about a minute to calm down, but he still needed to keep going and put an end to his current conundrum.




After gathering his wits, he lifted his head and looked around to familiarize himself with the surroundings.

There was a column in each corner of the floor, which kept the top level from collapsing. The rays of light dimmed down since the upper floor acted a ceiling.

He took a few steps to look over the side where the car lay, and it was still there. Moving on, he walked away pacing over the fence-floor that was an exact replica of the preceding level. He went on exploring.

A pair of square-shaped holes sat on the floor separated by a few feet and were situated in the exact center of the room.

"Why are there two holes? Do they lead to the same place?” he wondered.

Without hesitation he climbed down the ladder extending down the right hole and down to the next level.




He found a slender metal plate that divided the floor into two separate vicinities making it impossible to see the other side. The three sides surrounding him were open-air.

The metal plate protruded over the edges of the level so that he wouldn’t be able to cross over to the next area easily.

It appeared that the second hole led to the other side of the plate.

“What's the purpose of having two sections?”

He inspected the flooring and sides and found no holes or ladders. Any potential ladders may dwell in that other section, he thought.

Back up he went and then proceeded to climb down the left hole.

This time he found four holes: two of which had ladders and the other two had staircases.

“Is this a maze? What fucked-up joke is this?”

The man felt so much anger and kicked the plate while shouting incessantly. His foot hurt him causing him to scream yet again and to regret the attempt at breaking his own toes.

He decided to not do that again in order to save his strength and focus on fleeing this maze. After taking a few deep breaths, he decided to go down the staircase so he wouldn’t need to touch the “damn cold ladder” as his thought of it to himself.

The path was blocked. He went up and tried the other staircase.

Arriving at the lower level he saw smaller sections separated by metal plates just like the large one he had previously encountered complete with an outward protrusion making it difficult to go around them.

All the other paths with the ladder were blocked, too.

He started thinking.

“There has to be a way down.”

He went back down the first of the four holes, back to the room with the metal plates. In checking the sides of the floor, he found yet another ladder on one of them.

The man cursed and swore at whoever gave him no choice but to go down the latter. He carefully went down to the floor below.

In there he saw yet another open-air level albeit with a single pit in the middle with stairs. He may be on the right track.

Down those stairs were more openings, stairs, ladders and ladders on the sides.

The reason why someone would do this to him kept nagging at him as he tried to get to the bottom of this seemingly frivolous building by any means necessary.

Going down a few more floors, the obstacles became even more convoluted.

In some situations the ladders and stairs leads him two or three floors down before it became evident that there is a hindrance forcing him to go back to where he started and try the other passages.

He counted down 13 floors starting from the top, which places him around the midpoint of the building. The multitude of choices stacked up on him and took a harsh toll.

In that instance he felt tired and a lot less invigorated thinking about his circumstances. The blood-flow to his limbs became slower and he was soon shivering again.

A strategic change was sorely needed.

He was sitting on a small, isolated corner of the side of that floor. The sun had been hidden behind some clouds for the past few minutes. A steel plate was against his back as he bent his knees and covered his face with his palms trying to think.

He glanced at the corner. There was a metal column there, which only now he realized was on a corner of every floor.

His eyes lit up and widened as if it were a “eureka!” type of moment.

Some adrenaline flowed through him and he walked towards the column, took a hold of it and peered down below.

He might be able to make it down if held on to the column and and climbed slowly and carefully. It would certainly save him a lot of time.

There’s a huge gamble in this attempt but trying the other means are risky in and of themselves.

He was determined and clutched onto the cold rod with both hands, hugging it. He turned around so his back faced the outside of the building and began his slow descent.

In a little while he made it past that floor and he wrapped his legs around the rod and continued.

When his hands reached the bottom of that floor he had to let one of his hands go and then hold on again.

He was able to make it to the lower level in peace and in one piece.

The man turned around and looked at the new level. He was in a section that covered a quarter of the space. This floor was linked to the one above it with some stairs that he must have missed. It was also connected to the lower floor with a ladder.

He went down the ladder and found a new level with eight openings in its bottom. After taking a few seconds to look at the holes and then eyeing the column in the corner, he chose to go down one of the pits, which took him to yet another dead end.

“Do I really want to test out the rest of these choices?”

The temperature fell rapidly with the sun missing and the cold threatening his very existence.

He turned an eye to the column again and thought of going down that route.

In the end he settled on trying the column.

This time when he let his right hand go to latch onto the bottom of the floor he couldn’t hold on well because of the cold metal. His hands became numb and he lost balance.

He left hand alone couldn’t keep his upper-body weight from dooming him as his leg muscles started failing him, too, but he kept his legs tightly wrapped around the column.

Gravity pulled him down and he fell parallel to the column. His legs eventually crashed into the floor of the next level. He wasn’t able to absorb the shock and his legs unwrapped. The right hand caved and couldn’t hold him up causing him to topple out of the building.

He lost consciousness before he hit the ground.

******

It all seemed blurry.

“What’s all this light?” he asked himself.

He lifted his hands to cover his eyes.

Through the tug of a wire, he discovered that his arm was hooked to an intravenous drip and a medical monitoring system.

His head had been shaved and a few wires were connected to the scalp.

He had been sleeping on a hospital bed with an arched back and wearing a gown and wrapped with thin white sheets.

With time his eyes adjusted to the volume of light pouring into his pupils.

He felt the most exhaustion that he’d ever felt in his entire life.

“Where am I? What am I doing here?”

The question was familiar, and it wasn’t a good kind of familiarity.

He shifted his gaze and saw a man in his late 40s with long hair in a white lab coat standing on the other side of the room examining papers that hung on the wall.

The older man took note of the awakening, turned to him and took a few steps.

He wore thick, horn-rimmed glasses and a shaggy beard adorned his face.

“Good morning,” he said in a routine manner.

The young man was in no mood to answer any salutations since he had many questions nagging his being.

“Where am I?”

The “scientist” did not seem to be trying to keep any of the information to himself as he went and answered as if he didn’t care about his ignored attempt at exchanging pleasantries.

“You’re in a a neurology lab dwelling in a basement at the city university ."

That answer did not exactly quench his thirst for the truth and may have only given room for more questions.

“What am I doing here?”

The man continued talking while paying attention to the vitals being given off.

“You are a part of an experiment that aims to enhance our understanding of the physical and mental limits of human capabilities and relate them to data derived from the brain’s formation and the functions of its different subsections.”

The answer stunned him and it took him a few seconds to analyze it.

He felt unable to process the information and put it into the context of the experience that he had just gone through.

“What exactly do you recall?”

“I woke up on top of a metal building in the middle of nowhere and I had to get down one way or the other.”

He stopped talking for a bit as if he had wised up to the fact that his experiences were a mere dream.
 
“And then what?”

He closed his eyes placing his forefinger and thumb on his nose and knotted his eyebrows trying to conjure the painful memory.

“I tried to make it down using so many ways until I made it to the middle of the building, but I failed in the end and fell off the side.”
 
The looming man took notes in his file seemingly uncaring about explaining the situation to him any further.

The patient didn’t like how he was being treated and took a harsher tone of voice.

“What is this experiment exactly?”

The response he got was very frighteningly cold as the man kept writing.

“What you went through was not real. In layman’s terms, it was like a dream to you. We developed a system in which we can apply virtual scenarios designed for humans to calculate approximate reactions to real-life situations without actually going through that experience. This systems enables us to perform experiments like the one we’re performing now.”

He turned and looked at the patient.

“Simply, the goal from the experiment you’ve just gone through is to figure out if a person of your mental and physical attributes is capable of solving the maze and make it from the top of the building to the bottom under the given circumstances.”

“Wait! Are you saying you’re the one who put me on top of that metal building?” he asked whilst flaring up in anger.

He tried to situate himself and get up but something was holding him back. His torso and legs were strapped to the bed. He shouted a few times and unhooked the wires from his head and then went after the I.V.
“Don’t try to unhook the wires from your arms. The feeder should keep you stable so you will suffer severe consequences if you do."

He decided it was risky to not trust this man and tried to contain his nerves.

After his scream subsided, the man in the horn-rimmed glasses continued.

“The experiment is also concerned with your ability to analyze and deal with a situation accordingly. The car was there in order to motivate you to escape. If you had made it down there, the experiment would have ended and you wouldn’t have been able to continue it. The maze was to see how your mind reacts to a situation along with analysis and the speed in which you deal with it given the circumstances.”

“Who gave you the right to force me to go though this fucking experiment, you bastard?!” he shouted in a congested voice.

The man picked up a document containing his signature and waved it in front of his face.

“You volunteered to do this for monetary compensation. You answered an ad in the newspaper and we informed you about what will happen to you should you choose to do this experiment. You still consented and signed. If memory hasn’t failed me, you said you really needed he cash to pay off some debts. The straps are just a precaution in case you react the way you did just now.”

He grabbed the paper and read it hurriedly and saw his signature.

“There’s no high risk of you dying. The results of the experiment are dealt with as if it were a dream and the chances of any backfires are lower than 3%, just like any margin of error during surgery. Haven’t you noticed that you fell from a building yet the only harm that came to you was your own irrational reaction?"

The man took the document away and placed back onto his desk. He kept speaking in his provocative manner.
 
“We cannot see what you see during the experiment, but the sensors on your head allow us to monitor your brain activity and through the active parts of your brain we can predict the results of the experience that is supposed to emulate real life. After that we confirm our deductions verbally with the sample.”

“How did you know that the reactions would be the exact same as those in real life?” he asked feeling defeated but still desperately trying to find holes in his logic.
 
“The system has been tested many times on other samples and under circumstances much simpler than the ones you had gone through and the results were very satisfactory. We estimated that we’d be able to widen the range of testing and and gain results without risking the lives of the samples while undertaking a study just like this one.”

“Don’t call me a ’sample,’ you prick! Is that all I am to you? Just a sample? A goddamn lab rat?” he shouted again.

“A ’sample’ that had been adequately informed of all the risks associated with this experiment and voluntarily agreed to non-fatal testing, yes.” he said waving a forefinger to his face.

“The experiment has been designed so you wouldn’t be able to know the context of what you’ll go through. You must have noticed that you experienced amnesia during the trial and couldn’t recall the reason why you were in the midst of it. That is because you have no data previously given to you before the experiment and thus you decide to climb down and not stay up. If you remembered why you were there, you wouldn’t be motivated to get out of your situation knowing that there’s no real value in that. After you wake up you remember the trial but not what preceded it. With time, your memory gradually returns.”

He waited for him to say something but he didn’t and so he went on.
 
“The trial you faced represents a point on a scatter plot in which a curve is drawn to clarify the relationship between physical and mental abilities and their chances of succeeding in solving problems with varying parameters. You represent a certain level of physical and mental faculties compared to other samples and so we’re able to complete the diagram that helps us read the relationship along with other data including brain activity, the size of certain parts of the brain and others.”

“A point? All you got from this experiment was a fucking point?” he said feeling patronized.

“As of now we have 11 dots from 11 experiments. Of those, 10 were successful and you managed to make it to the bottom, and one that failed, which is the one you had just gone through.” he said ignoring the outburst.

“Wait a minute. You mean I-“
 
“Yes. You went through this trial 11 times with changing circumstances in each one. During your first few trials, the variables were set to the mode with the lowest difficulty. 1) The weather was mild. 2) You had clothes on. 3) The building was shorter. 4) There were no ladders on the side of the building. 5) The sides of the building weren’t open and so your chances of falling were nonexistent and you were able to solve the maze easily and you made it to parked car. After passing each trial, a variable was changed in order to make things harder.”

He was stunned and it was noticeably visible on his face.

“It is also the eleventh time in which I explain things to you in full. You succeed every time except for the last one and your reaction was a lot less explosive in the preceding trials compared to now. The reason for that is clear since you failed and fell off the side of the building.”

“Wait a second. If there were five different variables, then the last trial should’ve been the sixth time. Does it mean that-“ he asked after a moment of thinking.

The man interrupted him as he knew no other way of conversion.

“Each change is replicated to confirm reproducibility. In case two trials have conflicting outcomes, a third one is done to decide whether one can make it through a certain level of difficulty or not. I now need to reattach the wires to your head so we can replicate the trial and confirm your failure.”

He panicked thinking he wouldn’t be able to go through another experiment and began to scream and shake trying to loosen the straps. The other man took a couple of steps back.

“It’s 2 a.m. and no one can hear you. Even if they can, there’s nothing they can do and they’ll more than likely help me do my job. If you don’t allow me to reattach the cables and start the trial, I’m going to have to anesthetize you.”

He continued shouting and cursing.

“I’ll get you, you son of a bitch! I won’t let you do this to me again!”

All of a sudden he felt sleepy marked with heavy eyelids and he was unable to move his hands all the while hearing the man fiddle with the device on which he leaned.

“The I.V. hooked up to your arm dispenses drugs, too. It would’ve been so much easier for the both of us if you’d just let me reattach the wires.”

The heaviness got the best of his eyelids and was only able to curse the man in his sleep.

After going completely under, the man put the cables back on with an eerie calm.

He sat behind his desk on the other side of the room and picked up a sandwich, taking a bite out of it and pressed a few keys on his computer.

Silence filled the room save for the sound of the man chewing and typing coupled with the buzzing of different electronic devices.

*****

With heavy eyelids, he opened his eyes slightly after slumbering for an unknown amount of time.

“Where am I? What am I doing here?” he asked himself.