سنجوب يسلم عليكم ويقول سوّوا شير واتركوا تعليقات وكيذا يا عيال

Twitter: @SaadMotham

12/31/2013

ذاكرة الذُّبابة



معلومة: الذبابة تستطيع تذكّر الأشياء خلال التي حصلت خلال آخر ~5 ثواني فقط. 
 
كانت الذبُابة تطير فِي مُحيطها الذي وُجِدَت به مُحدثة أزيزا مُزعجا ولكنه كانَ منخفض التردد في الوقتِ ذاته فلا يسمعه إلا من كان في مُحيط الذُبابة القريب.
 
حطّت الذبابة على سطح أملس.
 
ما هذا؟ (تقصد السطح)
 
لا يُهم.
 
مدّت الذبابة ذراعيها وفركتهما ببعضهما وكأنما كانت تتيمم في غياب الماء.
 
لم يستغرقها ذلك 6 ثوانٍ.
 
تحتاجُ لأن تطير فهي تظنّ أن جلوسها على هذا السطح الأملس قد طال.
 
"كثرة الجلوس غيرُ صحيّة" تمتمتِ الذُبابة لنفسها.
 
طارت الذُبابة مُجددا.
 
تحتاجُ لأن تشتري بعض مقاضي البيت.
 
في الحقيقة هي لا تتذكر إن كان فعلا يتوجب عليها فعلُ ذلك ولكن يتوجّب عليها ابتكار التفاصيل الصغيرة لحياة طبيعية لكي لا تُصاب بالجنون جرّاء ذاكرتها القصيرة.
 
ليست متأكدة حتّى إن كان لديها بيت.
 
لم تكن الذبابة في مزاج يسمح لها بشراء المقاضي.
 
"لا مشكلة" قالت الذبابة لنفسها.
 
"إن لم أكن أريد فعل شيء أُخبرُ نفسي أنني سأفعله الدقيقة القادمة. سأنسى وسَتُحَلُّ المُشكلة."
 
بالرغم من ذاكرة الذبابة القصيرة فلديها القدرة على ابتكار الحلول العملية لمشاكل اختلقتها أساسا.
 
رأت الذُبابة ذُبابة أخرى تطير بجوارها.
 
"هلاااا والله" قالت الذبابة.
 
ردّت الذُبابة الأخرى: "هلاااااا من زمان عنس يختي"
 
في الحقيقة, كانَ لقائهما الأخير قبل سبعة وعشرين ثانية.
 
لم تكونا حتّى متأكدتين من أنهما تعرفان بعضهما.
 
كل الذُباب يتظاهر بأنه يعرف بعضه.
 
التسليك مُتورّث لدى الذُباب.
 
"خل نطير مع بعض" قالت الذبابة.
 
وافقتها الذُبابة الأخرى وطارتا مع بعضهما البعض.
 
حلّقتا الذبابتان مع بعضهم وقاما باستعراض جوّي تشقلبتا خلاله بضعة مرات.
 
خلال الاستعراض, كانتا الذُبابتان يطيران بسرعة باتجاه بعضهما وعند اقترابهما من بعضهما يضربان أيديهما ببعض على طريقة الهاي فايف.
 
قامتا بفعل ذلك مرتين ثُمّ خلال المرة الثالثة, نَسَتِ الذُبابة أنها يتوجب عليها رفع يديها وخبطتها الذُبابة الأخرى على جبهتها من غير قصد.
 
داخت الذُبابة وحطت على سطح خشن وحطّت معها الذبابة الأخرى.
 
"هيه هيه هيه خير؟؟؟؟؟" صرخت الذُبابة بالذُبابة الأخرى.
 
قالت الذٌبابة الأخرى "معليش والله توقعت انس بترفعين يدس"
 
تجهّم وجه الذُبابة إثرَ ضرب الذُبابة الأخرى جبهتها وقامت بالتفكير إن كان يجدر بها السماح للذبابة الأخرى أم لا.
 
طالت مُدة تفكيرها.
 
لقد نَسِيَت.
 
تنبّهت الذُبابة فجأة لوجود الذُبابة الأخرى.
 
"هلااا والله" قالت الذُبابة للذبابة الأخرى.
 
ردّت الذُبابة الأخرى وقد تنبّهت هي الأخرى لوجود الذبابة: "هلااااا يختي من زمان عنس"
 
"تبين نطير مع بعض؟" قالت الذبابة.
 
هزّت الذُبابة الأخرى رأسها مُوافقة وطارتا مع بعضهما.
 
استدعا انتباههما جسمٌ له بريق جذّاب.
 
يبدو كشمس زرقاء اسطوانيّة.
 
أشارت الذبابة الأخرى للذبابة ليذهبا إليه.
 
وافقتها الذُبابة.
 
طارت الذُبابة خلف الذبابة الأخرى باتجاه الجسم اللامع.
 
اقتربتا منه.
 
سبقت الذبابة الأخرى الذبابة.
 
حطّت الذبابة الأخرى على الشيء وصرخت "آآآععاعاعاعااعااعاعععا"
 
لقد كان جهاز الإعدام الكهربائي الخاص بالذباب والحشرات الطائرة الذي صممه البشر المُجرمون.
 
ارتعدت الذبابة إثر رؤيتها مشهد إعدام صديقتها الأخرى أمام أعينها وضربت على المكابح المجازية لتخفيف سرعة طيرانها.
 
تفادت الموت بالكاد.
 
طارت الذبابة بعيدا وهي خائفة وحطّت على سطح مُتوسط الملاسة.
 
ظلت تُراقب جهاز الإعدام الكهربائي ناعية صديقتها الذبابة الأخرى.
 
يبدو كالبُركان الأزرق الشامخ من حيثُ تقف.
 
مرّت ثلاثُ ثواني.
 
"مَنْ هِيَ الذُبابة الأخرى؟" قالت الذُبابة لنفسها.
 
لم تَعُد تتذكّر.
 
"ما هذا الجسم الكبير اللامع الأزرق الجذّاب؟"
 
طارت الذُبابة لكي تتحقق من هيّة جهاز إعدام الذُباب غيرَ عالمة أنها تطيرُ لحتفها المؤكد هذه المرّة.

12/30/2013

مُغامرات برودنشية (الجزء الأول)

هذه القصّة بريشة صديقي نائف (إن شاء الله ما كتبها بريشة ولّا تلقاه تبهذل). شخصيات القصة مستوحاة من الواقع وأنا أحدها. القصّة الأصلية موجودة على بلوقه الشخصي وهذا لنكه
 
 
استكمال القصة سيكون مُتوفر على بلوقه. قراءة مُمتعة
 
 
كان يا مكان في قديم الزمان و سالف العصر و الأوان، كانت الأرض في حال سلام و أمان.

منذ أيام الماضي السحيق، تعايشت جميع الكائنات تحت إطار تقبل وجود الآخر بلا خوف و لا مهابة. حدد الميثاق المشترك أهمية التآخي و المصالح المشتركة و التساوي تحت ظل القانون. كان معشر الإلفيين (Elves) يقطنون في بلاد ما وراء الجبل حيث يحكمهم ملك عادل يدعى گالاڤانت العظيم Galavant the Great. ربطتهم علاقة ودية بالأقزام ساكني جبل آلاباستر و كذلك جنس البشر المتبعثرين في عشرة ممالك متفرقة. فترة الدمار الوحيدة أتت نتيجة إشاعة مغرضة مفادها أن خمسة من الملوك متآمرين على الخمسة الاخرين للقضاء عليهم و اغتصاب بلادهم . بعد حروب طاحنة دامت مئات السنين و قضى فيها الملايين نحبهم من ضمنهم ثلاثة من الملوك، اجتمع الإلفيين و الأقزام مع السحرة البيض (وايت ميج) لإحلال السلام و نفخ القليل من المنطق في عقول الأطراف المتبارزة. تم توقيع معاهدة سلام على مضض لمجرد حقن الدماء، لكن شرارة الحرب قد تشعل القتال مرة أخرى.

في فترة السلام النسبي بعد الحرب، لم ينتبه أي أحد إلى مصدر الإشاعات الفتاكة. خلف الكواليس يسير مخطط عنجهي للسيطرة على العالم…



في القارة الشرقية التي تبعد آلاف الأميال عن مركز عالم پرودنتيا Prudentia المفعم بالحياة، انتشرت ظلمة غير طبيعية تصيب من يمسها بكآبة و غمامة ليست لها مثيل. إنها الأراضي الملعونة التي تُروى عنها حكايات، قصص تنتقل جيلاً عن جيل من الأمهات لترويع أطفالهن قبل وقت النوم.

من ضمن التضاريس قمم الجبل الشرقي. تحت سفح أعلى قمة تقبع المغارة الحمراء متوشحة بالظلمات حينما جلس الساحر الأسود مغول على عرشه القذر. مدة جلوسه طالت مئتي عام صرفها في الإنتظار و التدبر.

دخل عليه إحدى أتباعه مبشراً بخبر من العاصمة كان ينتظره منذ فترة.

أطلق مغول قهقهة شريرة فور سماع الخبر و اشتعلت شرارة الخبث في عينيه.

"قد قاربت خطتي على جني ثمارها!" قال مغول بصوت أجش و جهوري.

"تحقيق النبوءة يلوح في الأفق. قبيل آخر يوم من احتفالات ذكرى سقوط رأس أول ملوك برودنتيا، ستظهر علامة في السماء تبوء بلحظة نصرنا!"

قام مغول ممسكاً عصاته المكونة من عظام خصومه و مقبضها جمجمة مبتسمة. مشى بخطى بطيئة نحو مدخل المغارة مطلاً على الضوء الأحمر الناتج عن قدوم فجر ذلك اليوم.

"سأسحق كل من يقف في طريقي. لن يمنعني أحد من الاستيلاء عن العالم!" قال بنبرة متدرجة في علوها ختمها بأقوى ضحكة شريرة قد تقع على الآذان.



صاح الديك ذات يوم و أطلت الشمس بأشعتها من خلال النافذة مداعبةً وجه دنڤر. كانت الساعة السادسة صباحاً و فتح عينيه ببطء و صعوبة. تذكر بأن عليه النهوض و الذهاب للعمل، لكن ابتسامة ارتسمت فوق وجهه عندما أدرك أن هناك مواقف حياتية أوكووردية جديدة تنتظره اليوم. دار إلى هاتفه الخليوي ليفتح پاث و يخبر معجبيه بقيامه من النوم.



على بعد خمسين ميلاً، كان حرزتش يتناول وجبة الفطور في منزله قبل ذهابه الى العمل. إنها آخر أيام وجوده بذلك المكتب قبل تهجيره لمنطقة بعيدة لمدة عام. الرجل بحاجة لمغامرة جديدة تبعث في روحه الحياة مرة أخرى. بعد تقمصه لشخصية راپر و القيام بمكالمات هاتفية مازحة مضحكاً كل من حوله، حرزتش أراد خوض تجربة تعزز خياله الجامح.



في بلاد أخرى، كان جاش على وشك النوم بعد أن قضى اليوم الفائت و هو يتدرب على الفنون القتالية.

"شغلك ممتاز،" قال المدرب بعد منازلته على الحلبة. "عندك روح مقاتل و كل اللي شفته منك عجبني. كمل اللي قاعد تسويه."

عاد المنزل و قم برحلة بحث عن الهاتف المثالي بعد أن سأله نيلسون عن أفضل جهاز في السوق كون هاتفه يتهالك. بعث في مواقع سامسونج و اتش تي سي، لكن رجل الرمال لا يرحم و غالبه النوم في النهاية راقداً فوق لوحة المفاتيح.



كان الوقت بعد الظهر في الطرف الآخر من العالم حيث تمرن كالي على الأداء الصوتي. في جعبته الكثير من الأفكار و أراد إطلاق العنان للموهبة المكبوتة. كل هذا في جهد للمماطلة و تأخير إتمام أعماله المدرسية. كان يعلم بأن مصيره يكمن في مكان آخر.



نيلسون في منزله معداً العدة لكتابة رواية أسطورية يهم في نشرها يوم من الأيام. الأفكار متعددة و مربكة. ماذا سيضيف و ماذا سيترك؟ لم يريد أن يترك تفاصيل قد تكون مهمة، لكنه لا يود الإكثار منها و يغمر القارئ. في النهاية استسلم لبلادة دماغه و قرر اللعب على الإكس بوكس ٣٦٠ الخاصة به.



سارت سيارة دنڤر إلى مقر عمله بعد إتمام طقوس النهوض من النوم و الترويح عن النفس. صدحت موسيقى كالڤن هاريس بصوت عالي و قلقل دنڤر رأسه بمحاذاة الإيقاع و كانت النوافذ مفتوحة لكي يدع صوت أغانيه يتنفس و ليعرف الناس على جبروت هذا الألبوم. أخرج هاتفه ليدخل على پاث و يلتقط صورة للجو الممطر نادر الحدوث في هذه المنطقة. لكنه لم يستمع لعقله الباطن الذي أنذره بأنها فكرة سيئة، و لم ينتبه أنه كان يحيد عن الطريق بشكل مقلق.

كانت السيارة في المسار الأيسر و مالت إلى اليمين و قاربت على الاصطدام بمركبة اخرى. زمر سائق تلك المركبة مفزعاً دنڤر الذي رمى هاتفه و أدار المقود إلى اليسار لتفادي حادث. طار الهاتف خارج السيارة و لعن بطلنا حظه إذ لم تكن المرة الأولى التي يفقد فيها هاتفاً في نفس الظروف. انزاحت سيارته يساراً و دخلت إلى الجانب الآخر من الطريق حيث تسير المركبات في الإتجاه المعاكس.

استطاع تفادي سيارتين لكنه انحصر امام شاحنة مارقة زمرت عليه و ضغطت المكابح بشدة لم تكفي لايقافها. حاول دنڤر أن يماثل تلك الفعلة دون فكانت السيارة ستصطدم بالشاحنة لا محالة. تنمل دماغه و تذكر مقتطفات أوكووردية من حياته قبل هلاكه المحتوم.

في الثانية الحرجة قبل لحظة الارتطام، ظهرت بوابة زرقاء في مقعد دنڤر و ابتلعته قبل أن تنفجر السيارة في مشهد ناري مهيب.



لم يكن مقر عمل حرزتش مثالياً، لكنه أفضل من غيره. مع ذلك، شخصية معينة كانت تتنفس في فضائه و تقض مضجعه. لمدة عام كامل، كان جاسم النموذج المثالي للموظف الغير كفؤ و الذي لو لم تكن عائلته ذات نفوذ و قوة لما كان في منصبه الغير مستحق.

بلغ السيل الزبى مع حرزتش إذ لم يكتفي جاسم بإتلاف صانعة القهوة و حسب ذلك، فقد ناداه إلى مكتبه نصف ساعة قبل استراحة الغداء. كان ينتظرها بشوق لكي يبتعد عن وجهه قليلاً و لأنه يشعر بجوع سافر فقد كانت معدته تئن بطريقة مرعبة.

"هلا جاسم. كيفك اليوم؟" قال حرزتش بانتعاض شديد.

"الحمد لله. بس ناديتك لأني أحتاجك في خدمة موب بسيطة،" رد جاسم.

بدأ بطن حرزتش يئن بشدة أكبر.

"تفضل طال عمرك،" قال حرزتش بابتسامة مزيفة. "آمر."

"شي جميل أنا كنت خايف أنك تتضايق پوتنشلي،" أكمل جاسم حديثه. "بس أحتاج منك تقرير انتاج تسلمه لنائبي نهاية الدوام و لازم ما تاخذ بريك غدا."

"طال عمرك، مو هذي مسؤوليتك لكن؟" سأله حرزتش.

"إيه لكن عندي درس غولف ما يحتمل التأجيل لأنه تايغر وودز بكبره جايبينه عشاني"

انكسر شيء في دماغه و فقد أي مبالاة كان قد حافظ عليها خلال سنوات تحمله لجاسم. قرر أن يعبر عما يدور في خلجه، و قرر أن يعبر عن مشاعره بأقذع الأوصاف.

"شوف يا إبن الق—"

انفتحت الأرض على شاكلة بوابة زرقاء و سحبته قبل أن يتيح لجاسم فرصة طرده من العمل.



قام كالي من على كرسيه ليحضر لنفسه وجبة غداء نباتية بعد أن أنهى تسجيل كتاب صوتي من تأليف علي الوردي. فتح باب الثلاجة و تفاجأ ببوابة زرقاء تجرفه إلى اللامعروف.



سحق نيلسون غريمه في مباراة هوكي جليد على الإنترنت بنتيجة ١٠-٠ و أبدل تلك اللعبة بسيد الخواتم حيث كان يلعب برام سهام.

بعد قتله ثلة من الأوركس على هضبة رملية، دارت شخصية الرامي مطلة خارج الشاشة، مرعبة نيلسون.

"هل أنت مستعد للمغامرة؟" قال الرامي.

قبل أن يبدي نيلسون أي ردة فعل، ظهرت بوابة زرقاء تاركة فراغ و هواء على الأريكة التي كان جالساً عليها.



استيقظ جاش من النوم بعد هجوع مطول. كان يحلم بأنه يقاتل عشرة من النينجا بغابة يابانية خضراء مكتسية بالثلوج. حلمه كان هانئ لأنه تمكن من تحطيم أضلاع جميعم بالإضافة إلى أعضاء أخرى.

لكن يقظته كانت على عكس الهناء.

"قوم يا جاش قوم!" صرخ صوت كأنه صوت دنڤر. لكنه من سابع المستحيلات فقد كان دنڤر في دولة أخرى.

"أنا دنڤر قوم يا ابن الحلال بنموت!"

استفاق جاش عندما انطلقت غريزة النجاة فيه و حرك رجليه تلقائياً كونه يثق في رفيقه دنڤر.

بدأت الغشاوة تنقشع من عينيه و انتبه انهم في ادغال حارة و كان ينهال عليهم وابل من الأسهم من بين الأشجار. لا يستطيعون رؤية من يريد إصابتهم في مقتل، لكنهم أحسنوا صنيعاً حالياً في تفادي الإصابة.

لم يلبثوا و أن نال منهم الإنهاك و تعرقل دنڤر واقعاً على أرض موحلة، ملوياً كاحله. توقف معه جاش ليتفقد أمره.

"اتركني و إمشي لا تموت!" أمره دنڤر.

"ما في أمل،" رد عليه بإصرار و منتبهاً لاقتراب المخلوقات البائسة منهم. "أموت و لا أتركك."

كانوا يشبهون القردة لكنهم متوشحين بعباءات بنية و يمشون على رجلين. اقتربوا منهم ببطء ممسكين بأقواسهم و موجهين أسهمهم على الفتيين. استدار لهم جاش و قد تفجر غضبه عليهم.

"تعالوا يا كلاب و الله لأمصع رقابكم واحد واحد!"

أطلق زعيمهم سهماً، لكنه ما لبث و ان التف على راميه بسبب هالة بيضاء غطت الغابة و أطارت جميع المخلوقات. طهرت الغابة و تركت حرزتش و جاش الذين أعماهم البياض الناصع.

كانت وجوههم تولي الأرض لتفادي ضرر دائم لنظرهم عندما حملهم شيء ما واحداً في كل ذراع.

"فلنفر قبل أن يأتي المزيد منهم،" قال الغريب الطويل الذي باشر بالركض.

"من أنت؟" سأله دنڤر. "و وين احنا؟"

نظر إلى الأعلى و رأى وجه شديد و سموح في نفس الوقت.

"أنا المَيج (الساحر) الأبيض گاردالان و نحن في غابة شاندالا الإستوائية بشمال القارة."

"يعني شمال…آسيا؟" سأله جاش.

"أنتم في عالمنا الآن،" أردف گاردالان. "مرحباً بكم في پرودنتيا."

12/28/2013

صكّة بلوت


انتبهتُ لنفسي جالسا فجأة في مكان لا أعرفه

كل شيء يبدو مُظلما ومُشوشا

أسمع صدى أصوات مألوفة

هُناك شخص يجلس أمامي ولكنه بعيد

من هُو يا ترى؟

إنه يقترب شيئا فشيئا

هناك شخصان آخران في أقصى اليمين واليسار

كلهم يقتربون بسرعة

وشذا؟

لقد توقفوا فجأة عندما أصبحوا في محيطي الحسّي المُدرك

كان إيقاع ما يحدث سريعا ولم يكن هناك وقت لاستيعاب ما يحدث

لم تكن وجوههم واضحة بحكم الظلام وارتجاج المشهد ولكنها بدأت تتضح شيئا فشيئا مع تحسّن الضوء

يبدو أننا نجلس على الأرض لنلعب لعبة ورقة من نوع ما

بحكم أننا جالسين على الأرض ويقابل كل اثنين منّا بعضهما فغالبا ما سنلعب البلوت

الضوء يُتيح لي رؤية الأشياء في محيط جلستنا فقط

ياللهول

إنني أجلس مُقابلا د. هاوس

نظرت يمينا ويسارا. كان يجلس على يميني امظلوم ويقابله على يساري كِدْ كَدِي*

* قاموس الشخصيات:
د. هاوس (House M.D.): شخصية خيالية لدكتور أمريكي في مسلسله المُسمى باسمه. عبقري مزاجي. يقوم بأداء دوره الممثل البريطاني هيو لوري
امظلوم: شخصية تويترية ملحوسة تُضحكني
كد كدي (Kid Cudi): مُغني هپ هوپ أمريكي مُحشّش

كان د. هاوس يخبص الورق متأملا إياي بعينيه النفّاذتين

قال د. هاوس بدون مقدمات وهو لا يزال يخبص:
Why are we here?


نظرتُ إليه لثانية ونصف مُتلعثما ثم قلت وكأنما كنت مدينا له بإجابة: مدري بالضبط. تبون تربعون يمكن؟

مطّ د. هاوس شفتيه وهزّ رأسه وقال:
That's possible.


ثم أردف قائلا:
Or maybe we're all here because you need us to be here.


انتهى د. هاوس من خبص الورق فأعطى الورق امظلوم لكي 'يقطع' من دون أن ينظر إليه مُبقيا عينيه عليّ ولكن امظلوم لم يأخذ الورق وقال: يغلي مى اقطاع علك وا الله

قام د. هاوس بتوزيع الورق

كنتُ منلحسا طيلة الوقت

قلت له: وش قصدك "I need you to be here?"

ردّ د. هاوس وهو لا يزال يوزع:
Think about it, Dr. Sa3sa3ino! What possible combination of events could possibly lead to the three of us sitting here playing this game, that Kid Cudi and I are very unlikely to know by the way, with you and this imbecile?

كان د. هاوس ينظر إلى امظلوم على نهاية جملته وكأنما كان ينظر لحيوان في قفصه في حديقة الحيوانات وقال امظلوم ظانّا أنه يمدحه: معليك زؤد يغلي

كانَ مشهدا غير مُحتمل بالتأكيد ولن يتكرر أبدا

نظرتُ يساري إلى كد كدي

كان ينفثُ دخان كثيف لسيقارة أشكّ أنها مُجرد سيقارة تقليديّة

أكمل د. هاوس التوزيع رُغم أنه لم ينظر لورقه مُشتريا بذلك صنّا مُغطى وقُلتُ له: اصبر, هل قصدك إني قاعد أحلم واني كل اللي قاعد يصير في مخي بس؟ وبعدين ليش تتكلم بآكسنت انقليزي؟ د. هاوس أمريكي مب انقليزي

أجابني د. هاوس وهو يرفع ورقه ويختلس له نظرة قصيرة جدا ويُعيدُ نظره إليّ:
Yes, you're in a dream. It took you long enough to figure that out. And your subconscious refuses to make me speak with an American accent knowing that I, Hugh Laurie, really am an English actor and this is how I really speak.

كانَ مُخي سينفجر في هذه اللحظة.

بدأنا اللعب وقُلتُ له: بس ياخي شلون ذا حلم؟ ياخي كأنه حقيقة. الأحلام عادة تكون تفاصيلها مب واضحة

ردّ عليّ هاوس (لاحظتم كيف صرت أمون عليه وما يحتاج أقول د. هاوس؟) بنفاذ صبر ولا-مبالاة في نفس الوقت:
You bloody idiot! Haven't you noticed how I've been understanding your Arabic this entire time we've been talking? How could that be if we weren't residing in your subconcious?

نظر امظلوم إليّ وقال: صادق ادكتور يغلي. وشهالفهوه؟ هههههه

أطرقتُ رأسي مُفكرا

فعلا

كلامهما منطقي

كان لديّ الكثير من الأسئلة

نظرتُ لهاوس وقلتُ له: طب اذا صدق ياخي حلم شلون مقدر أصحي نفسي؟

رمى هاوس ورقة لاعبا دوره وقال دونَ أن يرفع عينيه إليّ وكأنما طفش من المُحادثة ألريدي:
You're not really in absolute control here. You would think you are, but you're not. If your subconscious thinks you should live through this experience, then you will. You will not remember the details. What will remain in your memory is a vague image of the four of us sitting here playing cards and a strong sense of the message that is being conveyed.

انتبهتُ عندها لأن هاوس لم يكن متربعا. كان مادّا رجله التي تؤلمه وانتبهت أيضا عندها لعكازه الناري الذي يحمله أينما ذهب. سألته: ياخي انت كنت متربع يوم بدينا اللعب صح؟

أجابني أيضا وهُو ينظر إلى الأوراق التي تُلعب دونَ أن يرفع عينيه إليّ:
Your brain made a mistake and corrected for it. Apparently, I can't speak in an American accent but having a limp is something your brain cannot skip. You're an idiot. Oh, did I mention that already?

قلت له وقد **ـت معي: خلاص يبوي شمسوي لي فيها د. هاوس وتزبد؟ ترى أنا اللي مختلقك إذا حنّا فعلا في مخي فمعناتها أنا اللي أتحكم في اللي تقول لي

نظر إلى هاوس وابتسم وقال ساخرا:
It's about bloody time you figured that out

وسكتَ هاوس لـ 'يجعل اللحظة تغرق' ويتركني أشعر بغبائي

لم يعجبني الصمتُ فحاولتُ إبعاد الإنتباه عني بطرح سؤالوش قصة كد كدي وراه ساكت؟

أدرك هاوس ما كُنتُ أحاول فعله ولكنه قال:
Kid Cudi is not speaking because your virtual image of him is not complete. I'm guessing you listen to his music but you have never heard him converse so you're brain is not sure what to make of it.

ثم أعار هاوس اهتمامه لكد كدي وقال لي:
Look, look at this.

كان كد كدي يخبص الورق بعد انتهاء الجولة الأولى (التي لم تُسجّل لسبب ما) ويسحب نفسا عميقا من سيقارته التي لم تكن لها رائحة لسبب ما ثمّ نفثَ دُخانها وقال بصوته العميق المبحوح الذي يُعرف به:
All I need is bitches and weed. Where my bitches 'cause I got my weed.

ضحكتُ قائلا: هههههههههههه. فعلا. هذا ملخص فكرتي عن كد كدي.

كان امظلوم ممسكا بجواله فقلت له: شقاعد تسوي يغلي؟ ههههههه

فرفع امظلوم عينيه لينظر إليّ وقال: ابذكر اناس بصلات اظحى يغلي والله راااااحه نفسياه

ضحكتُ على امظلوم وشكله وسذاجته وشخصيته كلها

أردتُ الاستيقاظ لأن عدم القدرة على التحكم بالموقف تُخيفني جدا ولكنني أريد أيضا أن أفهم مالسالفة

قام كد كدي بالتوزيع بعدما قصّ الدكتور هاوس قَصّة تُشير إلى عدم ثقته بكد كدي

استمرّ كد كدي بالتوزيع وكأنما قد اشترى صنّا مُغطى

قال امظلوم معترضا على طريقة اللعب: سلمات يغلي؟ وش هلعب كل شاوي صان مغطأ؟

فأجابه هاوس:
Since we only exist in Dr. Sa3sa3ino's head, his brain cannot handle the details of creating a sensible version of a complicated card game along with carrying on the conversation. So, we're playing a symbolic version of the game while his brain is busy creating this senseless conversation.

هز امظلوم رأسه متفهما والتفت علي قائلا: أهىىىىأ معلش يغلي حاقك على

شعرت بالخجل من هذه الشخصيات القالطة في مخي في هذه اللحظات إثر عدم تحمل عقلي الباطن صنع نسخة منطقية من اللعبة لنلعبها سوية بينما يدور بيننا هذا الحوار الدائخ. قُلتُ لهاوس مُحاولا المضي بالمحادثة قدما: قلت لي اني 'أحتاجكم' هنا عشان كذا مخي اخترع هالحلم. وش أبي بكم بالضبط؟

استثار سؤالي فضول هاوس إذ فوجئ لما قلت وكأنما ناولته مُعطيا جديدا وقال مبتسما ببجاحة:
That's interesting. So you don't know what you actually want from us?

ندمت لسؤالي إيّاه فغالبا ما سيعطيني من معلومات من المفترض أن تكون موجودة في عقلي الباطن وكُنتُ لأوفر لنفسي عناء طقطقته على رأسي

زبدتُ له قائلا: ياخي انت ما تعرف تسولف زين بدون ما تطقطق على راسي؟ ترى حلمي أنا وبخليك تنقلع وبجيب واحد أكوس منك يتكلم معي زين

ردّ علي هاوس بسرعة:
You don't have control over who sits here. Your subconscious does. You're sitting here because your subconscious is trying to send you a message. You need to dig to find it. Therefore, you can't replace me with someone else, not that I'm dying to be here anyway.

فكرتُ في كلامه وقلت: لحظة, اذا انت تمثل عقلي الباطن, يعني المفروض انك تعرف اني ما أعرف وش جايبكم فيذا, صح ولّا لا؟ ليش تطقطق على راسي ومتفاجئ اني ما اعرف وش جايبكم فيذا؟

فقال هاوس مُحاولا كتم ضحكته:
Yes, I do know that. However, it's fun to see you looking like an idiot.

لم أقل شيئا وبدا وجهي هكذا -ـ- إثر ثقل دم عقلي الباطن وسماجته

كان امظلوم يضحك مع هاوس وقام كد كدي بالضحك معهم رغمَ أنني أشكّ أنه كان يعلم مالسالفة

قلتُ لهاوس: يعني وش ممكن تكون رسالة عقلي الباطن اللي لازم يوصلها لي بالدس والإيحائات؟

قال هاوس:
I don't know. It could be about anything. You have many issues quite frankly. You write animal stories for no clear justification, you're having this dream in which you brought together 3 characters who do not go along with each other, you call yourself Dr. Sa3sa3ino and your personality is always the cause for deep questioning and the creation of a many awkward moments. I think you and your subconscious have a lot to talk about.

ثم ضحكوا جميعا مرة أخرى رُغم عدم وجود سبب واضح لقيامهم بذلك

ضقت ذرعا بهم

إن كان عقلي الباطن يُريد توصيل رسالة لي فليقلها أو فليأكل تبنا

لا يحتاج الموضوع كل هذا اللف والدوران

رميتُ الورق ونهضت ومشيت خلفي

لم أكن أعلى إلى أين أمضي ولكني مضيت

سمعت صوت هاوس وهُو يقول وكلماته لها صدى رنّان:
You can't escape your subconscious. It will haunt you for the rest of your life.

وقال امظلوم: بدرى يغلي, تاوة اناس

وضحك كد كدي ضحكة أبنوكشسية

أسرعتُ بالمشي مُحاولا الهرب من هذا الكابوس المُريع

خرجتُ من المكان الذي كان يكشفه الضوء

خطيتُ خطوة وهَوَت قدمي ولحقها بقية جسدي

سقطتُ من على ارتفاع

استيقظتُ فجأة واعتدلت جالسا وأنا ألهث

سببتُ عقلي الباطن الملحوس

لا أطيقُ عندما يُضيع أحد وقتي, حتى ولو كان من يفعل ذلك عقلي الباطن وأنا نائم

12/14/2013

لقطات حميميّة


(اللقطة مأخوذة بتاريخ 7 ديسمبر 2013)
 
القناة السعودية الأولى: ميكنق شت آكوورد سنس 1969
 
(مدري لو هي مفتوحة في 1969 ولا لي خلق أدوّر متى مفتوحة ولكن من زمان يعني)
 
الحين اش الزبالة هذي وليه حاطينها على تلفزيوني؟ آبوكم آبو آبوكم! على بالكم لقطة حميمية؟ ولا اللقطة حلوة يعني؟ وايش قاعدين يسوون بالضبط ما فهمت! يسلمون على بعض؟ اصطدموا في بعض من غير قصد خالقين المناخ للحظة آكووردية؟ ولّا هم جوّهم كذا؟ لازم اجابات لمثل هالأسئلة اذا أنا لازم أمر في تجربة اني أشوف أشياء زي هذي
 
المشكلة انهم واثقين من جودة الصورة مخلينها ثابتة طول الشارة والأسماء تتحرك زي لو متأكدين مثلا: ايه! هذي اللقطة اللي نبغاكم تركزون عليها
 
-_-
 
عاد على كثر تقطيعهم ما قطّعوا هذي! عالم غريبة والله

12/10/2013

What Toppings?

 


It took me 79 minutes to order pizza. It's so confusing! They have so many toppings!! By the time I made up my mind, I wasn't feeling like pizza anymore so I hung up. That pizza place guy must be pissed. I feel like I should order him a pizza but what toppings? Hmmm this might take a while.

12/09/2013

الرؤية الآكوورديّة

ركنَ مُحمد سيارته أمام بيت أهل خطيبته المُحتملة في ساعة النهار الأخيرة
 
كان يستقلُّ السيّارة مع والده مرتديا الزي التقليدي الذي لم يتعوّد ارتدائه
 
من المُفترض أن يقوم بأداء مناسك الرؤية الشرعية (أو 'الشوفة' كما تُعرف بالعامية) اليوم على خلفية ترتيبات والدته من خلفِ الستائر كما تقتضيه العادة في بيئتهم النجديّة المُحافظة
 
كانت الرحلة لهُنا مُرهقة بما فيه الكفاية فهذا البيتُ يقع في حيّ بعيد لا يعرفه جيدا وإصرار والده على أن 'يدزبل' وَأن يجعل الشمس على 'حجاجه' اليسار لم يُساعد
 
ولكنّ الجزء الصعب لم يبدأ بعد
 
نزل مُحمد ووالده من السيارة وأغلقا بابيها ومشيا لباب البيت
 
رنّ مُحمد الجرس وجاوبت بنت صغيرة نسبيا على رنته عبر الهاتف قائلة: مين؟
 
كان الرد مهمة محمد بحكمِ قربه من الهاتف فقال بتلعثم: حنا جايين نشوف بنتكم
 
سكتت البنت الصغيرة لوهلة نظرا لغرابة الجواب (رغم أنه صادق بالكليّة) قبل أن تقول "طيّب" مُغلقة الهاتف
 
نظر والد محمد إلى ابنه وقال باستغراب: جايين نشوف بنتكم؟ وشو هو معرض سيارات؟
 
لم يرد مُحمد لاقتناعه أنه غالبا لم يجدر به قول ذلك وازداد توتره رغم أن توتره كان شديدا ألريدي
 
وقف مُحمد مع والده خارج الباب لقرابة الدقيقة أو ما يزيدُ قليلا في صمت مُطبق قبل أن يفتح الباب شخص قد تعدى منتصف العمر بقليل مُبتسما ومُهليّا ومُرحبا
 
قال محمد لنفسه: يبدو أنه والد الفتاة
 
ثم سكت في مُخه قليلا وزاد موبخا نفسه: أكيد إنه والد الفتاة وش فيني أنا مخفة كذا؟
 
دخل محمد خلف والده وصافحَ وعانقَ والد الفتاة وقد اعتلت وجهه ابتسامة متوترة
 
قادهم والدها لمجلس البيت الذي يحتوي على أرائك يبدو أنها سُرقَت من قلعة أوربية في عصر النهضة
 
جلس والد محمد ووالد الفتاة في رأس المجلس في الزاوية البعيدة من الباب وجلس مُحمد بجانب والده
 
تبادل الجميع الترحيبات والاستفسارات الملحّة عن الحال والعيال ودخل شاب صغير يبدو أنه أخ الفتاة وسكبَ لهم أقداحا من القهوة والشاي
 
كان محمد قلقا ومتوترا طيلة الوقت فلم يكن يعلم مالمفترض أن يتوقعه أو أن يفعل
 
كان مُتحمسا لرؤية الفتاة فلم تكن لديه إلا معلومات عامّة قليلة عنها لم تكن كافية لقولبتها أو تصويرها كإنسان متكامل الصفات يستطيع أن يقرر إذا ما كان سيوافق أن يقضي بقية حياته معها
 
كان يأمل أنّ معرفة شكلها ربما يُساعده على اتخاذ قراره
 
ماذا عنها هي؟ هي أيضا لا تعلم عنه إلا القليل, ربما انطبق عليها نفس الشي أيضا
 
لحظة, ماذا لو تقبّل أحدهما الآخر ولكن الآخر لم يتقبل أحدهما؟
 
هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج للإجابات
 
لم يكن مُحمد يعلم أيضا ما كان من المفترض أن يتوقعه من ناحية التطبيق العملي للرؤية الشرعية
 
ماذا يستطيع أو يجدر به أن يقول خلال الرؤية؟ لم يعرض عليه أحد أية معلومات حولَ ذلك وكان قد أحس أن الوضع سيكون آكوورديا لو سأل فلم يسأل
 
وماذا عن والد الفتاة الذي سيكون حاضرا طيلة الوقت خلال الرؤية حسب فهمه؟
 
ماذا لو لم يكن متقبلا لما كان يعتبره الناس طبيعيا وحقا مشروعا على أية حال؟
 
تنهد محمد مُحاولا المحافظة على ابتسامته والتحكم بالمشاعر المُتضاربة التي تختلج في صدره
 
لم يطل انتظاره إذ انتهى نقاشهم حول الجو وزحمة الشوارع وبقية المواضيع التقليدية التي من الممكن أن يتحدث عنها أناس لا يعرفون بعضهم جيدا
 
استأذن والد محمد ليخرج حتى تتمكن البنتُ من القدوم إلى المجلس
 
لم يعد مُحمدٌ الوحيد الذي يخلق لحظات آكووردية في هذا المكان إذ قال والد الفتاة وكأنما كان مُتخوفا مما سيأتي: وين؟ بدري؟
 
قال والد مُحمد مُزبدا: يالله خلهم يشوفون بعض عشان نخلص
 
أومأ والد الفتاة إيمائة تُفيد التسليك رغم عدم استساغته للزبدة (بن انتندد) وخرج والد مُحمد ليجلس في السيارة
 
خرج والدُ الفتاة وأخوها من المجلس وبقي مُحمد يتأمل السقف والجدران في محيطه مُحاولا التقليل من غزارة أفكاره
 
رجع والدُ الفتاة وجلس في نفس مكانه قريبا من محمد وغدا يتأمل الأرض ولم يقل شيئا
 
جائت الفتاة التي تبيّن أنها جميلة وقد ارتدت فستانا جميلا ودخلت وجلست مُقابل محمد في الجهة البعيدة منه وتتبعتها عينا مُحمد
 
اتجهت عينا والد الفتاة لمحمد وكأنما كان يُريدُ التأكد أن محمد لن يَنْظُرَ كثيرا بينما بَقِيَت عينا محمد الفتاة وكانت عينا الفتاة على الأرض وهي تسترق نظرات قصيرة مُتقطعة إلى مُحمد كل عدّة ثوانٍ
 
لم يرتح محمد للوضع فآكووردية الموقف قد بلغت رقما قياسيا جديدا إثر الصمت المُطبق رغم المشاعر العنيفة التي يكتنز بها المكان في هذه اللحظات
 
حاول مُحمد كسر الصمت فقالَ وليته لم يقل: مُزّة ما شاء الله 
 
"هااااهـ؟؟!؟!؟!" ردّ والد الفتاة بصوت عالٍ مُستنكر وكأنما لم يفهم أو لم يعجبه ما قالَ مُحمد
 
فقال محمد مُحاولا تفسير موقفه: لا بس يعني جميلة ما شاء الله
 
زيّنت وجه الفتاة ابتسامة خجولة بينما قال والد الفتاة مُنفعلا: استح على وجهك! قاعد تغازل بنت الناس! لا وقدّام أبوها بعد؟؟
 
فقال محمد محاولا التخفيف من حدة الموقف: لا لا مو أغازل أمدح بس يا خال, حنّا داخلين بيتكم مع بابه يابن الحلال
 
تنهد والد الفتاة وأرجع أمره إلى الله وسكت ليسود الصمتُ مُجددا
 
لم يسد الصمت للكثير من الوقت فبعد ما يقل عن نصف دقيقة كان خلالها محمد خائفا أن يقول أيّ شيء فيها قال والد الفتاة: خلاص قومي يا بنتي
 
همت الفتاة بالمُغادرة وقال محمد مستجديا بوالدها: لا لا شوي اصبر دقيقة بس واللي يرحم والديك
 
فقال والد الفتاة وقد نفذ صبره: وشو دقيقة؟ شفت وخلصت وش تبي بعد؟
 
فقال محمد: اصبر شوي منب طايرين خلها هي تشوفني زين بعد
 
نظر والد الفتاة لمحمد باستغراب واستنكار ونفاذ صبر لبضعة ثوان قبل أن يسكت وينظر إلى الأرض وتَعْدُلَ الفتاة عن الرحيل
 
مرت عدة ثوان قبل أن يجمع محمد ما تبقى فيهِ من شجاعة ليقول لوالدها وعيناه لا تزالُ عليها مُحاولا معرفة المزيد قليلا عن الفتاة لعلّ ذلك يُساعده في اتخاذ قراره: عادي أكلّمها؟
 
فنظر والد الفتاة لمحمد منفجعا وقال: بناتنا ما يكلمون عيال الناس!!! وشبلاك انت؟
 
فقال مُحمد مُحاولا التخفيف من حدة الموقف وشرح موقفه: لا بس يعني ودّي ناخذ فكرة عن تفكير بعض والاهتمامات المشتركة وكذا
 
فقال والد الفتاة وقد **ّـت معه: اسمها رؤية شرعية مو رؤية التفكير والاهتمامات الشرعية! أنت مير انقلع منب مزوجينك! ما تربيت ولا عندك أخلاق يا قليل الحيا
 
وأمسك والد الفتاة بمحمد مع رقبته وسحبه مُسقطا ما اعتلى رأسه من لباس
 
تابعت عينا الفتاة المزة والدها ومُحمد ببرود وهما يُغادران المجلس بطريقة غير مألوفة
 
رمى والد الفتاة محمد خارج بيته عبر باب الشارع
 
تدحرج محمد على الأرض مرتين قبل أن ينهض وينفض وسخ الشارع عن نفسه على أنغام الصوت العالي لإغلاق باب الشارع
كان والد مُحمد جالسا في مقعد الراكب يتأمل المشهد الذي يحصل أمامه الآن
 
مشى محمد الذي لم يعد يملك شماغا وعقالا للسيارة وفتح بابها ليركب بجانب والده وقال والده ببرود: بشّر؟ عساها عجبتك إن شاء الله؟
 
فقال مُحمد: والله هي مزة ما شاء الله
 
فقاطعه والده قائلا: وشو يعني مزة؟
 
فقال محمد موضحا: يعني جميلة ما شاء الله
 
فقال والده: زين! طيب وش صار؟
 
فردّ محمد بتسليم: ما كتب الله رزق
 
هزّ والده رأسه هزة تُفيد التفهّم والمواساة
 
وشغّل محمد سيارته ليغادر ذلك الحي ولا يرجع له أبدا
 
 
*النهاية*
 
 
عزيزي القارئ: هل أعجبتك القصة؟ هل تودّ دعم الكاتب؟ قم بمشاركتها الآن مع من تحب من أقربائك أو أصدقائك أو عيال حارتكم أو بعارينكم أو شغالتكم أو حارس المسجد عن طريق الضغط على ايقونات مواقع التواصل الاجتماعي الصغيرة أدناه أو كلمة 'مشاركة' وبإمكانك إيضا نسخ السطرين التاليين ومُشاركتهاعبر أية وسيلة تشارك معلومات
 
بلوق د. ساعساعينو: الرؤية الآكووردية
http://saadalmotham.blogspot.com/2013/12/blog-post_9.html

ترى لو تقراه عالجوال يطلع كأنه برودكاست. شكرا للقراءة والمُشاركة. الله يرجّ محمد مب صاحي, صح؟ يقول عن البنت مزّة قدام أبوها! ههههههههههههه. مير أنا شكلي محدن مزوجني أبد على ذا القصّة الدايخة. هههههههههههه. شكرا. تعالوا كل يوم.

12/07/2013

طريق الموت السريع

تحذير: هذه القصة غير مُناسبة للأطفال وأصحاب القلوب الضعيفة
 
كانت الساعة 2:43 مساءا وقد كان الجو مُشمسا والجو مُعتدلا فقد كان يوما في أوائل ديسمبر

كنتُ مستقلا سيارتي لوحدي وقد قطعت قرابة الخمس وأربعين دقيقة من رحلة السفر برا عائدا من الرياض إلى الدمام على الطريق السريع بعد عطلة نهاية أسبوع قضيتها مَع أهلي

كُنتُ أرتشف قهوتي وأنا أقود سيارتي في المسار الأوسط مثبتا السرعة على حد السرعة القانوني

شاهدت في المرآة سيارة مرور تسير خلفي

ليسَ ثمة سبب للقلق فقد كنتُ ملتزما بكافّة الأنظمة والقوانين

بعد قرابة الدقيقة قامت سيارة الشرطة بتشغيل أضواء وصوت سرينتها فتوقعت أنه يطلب مني التوقف

هممت بالتوقف ولكن الشرطي مال بسيارته ليقودها في المسار الأيسر

قام الشرطي بتجاوزي, لا بدّ أن هناك سبب دعاه لفعل ذلك

بعد قرابة الخمسة دقائق شاهدتُ في المرآة الخلفية سيارة إسعاف مُسرعة على المسار الأيسر تقوم بتجاوز الجميع

تسائلتُ إن كان هنالك سبب مُقنع يدعوها لفعل ذلك

غالبا عندما ترى سيارة إسعاف مُستعجلة في وسط المدينة لا ترى وجهتها النهائية التي تذهب إليها فتتسائل في داخلك يا تُرى إلى أين تذهب ولماذا؟ ولكنك نادرا ما تعرفُ الإجابة فتُقلل لا-شعوريا من أهمية السبب الذي دعاها لتقوم بما تقوم به

 
قدت سيارتي لقرابة عشرة دقائق إضافية قبل أن أجد وجهة سيارة الإسعاف وأرَ ما لم أتوقعه

كان هناك لوحات تحذيرية تطلب تهدئة السرعة ففعلت وبعدها رأيت حاجزا من سيارات الشرطة مصمم بحيث تخرج جميع السيارات مع مخرج على جانب الطريق وتمشي على شارع فرعي يتصل مع الطريق السريع مرة أخرى

خلف الحاجز وبعيدا عنه كانت هُناكَ طائرة مروحية كبيرة تدورُ مُروحتها يسهلُ رؤيتها من حيثُ كنت وكانت قد حطّت في منتصف الطريق

كان مشهدا غير مألوف بالنسبة لي

رأيت سيارة الإسعاف خلف حاجز السيارات وقبل الطائرة المروحية

خرجت مع الشارع الفرعي والتفتُّ للطريق السريع متسائلا ما سبب كل هذا؟

بعد سيارة الإسعاف وقبل الطائرة المروحية كان هناك سيارة متوسطة الحجم مصدومة قابلت القادمين على الشارع

غالبا ما التفّت إثر الحادث

ورأيت سيارة أخرى بعدها بقرابة العشرة أمتار كانت قد انقلبت وأصبحت زجاجتها الأمامية قاعدة لها

ربما كانت هُناك سيارة أخرى فقد كانت الفوضى تعمُّ المكان فقد شاهدتُ كل هذا خلال أقل من ثلاث ثوانٍ وغالبا ما فاتتني الكثير من التفاصيل

 
كان هُناك شرطي على الطريق الفرعي يحث الناس على السير وعدم التوقف

كنتُ أريد تنفيذ تعليماته ولكنني كنت محدودا بسرعة السيارة التي أمامي

قبل أن أتجاوز المشهد المُريع رأيت ما تمنيت أني لم أره

رأيت أشيائا لم أكن مُتأكدا ما هيّتها فصرفتُ نظري آملا ألّا تكون ما ظننته

كانَ هناكَ أيضا شخص مُتجهم الوجه من فريق الإسعاف يقف وقد همَّ بدفع سرير ذي عجلات عليه جثة ملفوفة بالبياض وقد رُبطت بأحزمة سوداء

لقد مات صاحبها في الحادث

تسارعت أنفاسي وازدادت دقات قلبي قوة فلم أكن مستعدا لأن أرى ما رأيته

طعم القهوة في فمي أصبح معدنيا

هل كان الوحيد؟ ماذا حصل للآخرين؟

تجاوزت الحادث وأكملتُ مسيري

رجعت على الطريق السريع

لم تغب صورة الجثة من بالي وكأنما نُقشت في صخر

مشيتُ قرابة الكيلومترين قبل أن أشعر بالدوار فتوقفت على جانب الطريق

وضعتُ رأسي على عجلة القيادة وأنا لا أزال ألهث

 
أحسستُ بمحتويات بطني تتصادم مع جدرانه وكأنها تُريد الفرار من هذا السجن

هل كان للميت ذنب؟ هل كان المخطئ؟ هل ماتَ غيره؟ هل كان هُناك أطفال في إحدى السيارات أو كليهما؟

لا بُدّ من أن غالبية الخطأ تقع على أحد صاحبي السيارتين فما ذنب الذي لم يخطئ لو أنه كان الميّت؟

غالبا أنه كانت لديه خُطط لبقية اليوم بعد أن يصل وجهته وخطط أخرى لغد ولبعد غد ولبضع سنين من الآن

هل شاهد مسرح الحادث أطفال في السيارات التي كانت أمامي أو خلفي؟ كيف سيُفَسّر أهلم لهم ما رأوه؟ لا بد من أن الجثة كانت مكشوفة قبل أن يلفوها بالقماش الأبيض, هل رآها أطفال؟

شيئا فشيئا هدأتُ قليلا وكان لا بد من أن أكمل القيادة فقد تبقى الكثير

أكملت القيادة وأنا ألعن التهور والمتهورين والمستخفين بحياتهم وبحياة الآخرين

لا يزالُ أمامي قُرابة ثلاثة ساعات من الطريق, سأغرقُ في أفكاري المُظلمة

هل كانَ سبب الحادث تهور أحدهم؟ هل كان أحدهم يُريدُ تجاوز الآخر؟ هل كان أحدهم في النقطة العمياء للآخر ولم ينتبه له الآخر؟ هل استفزّ أحدهم الآخر؟ هل كان أحدهما او كليهما مُسرعا لاستعجاله؟ هل كانت هُناك ضرورة للاستعجال؟ هل لو كانت الإجابة على أية هذه الأسئلة نعم لكان ذلك سببا مُقنعا لموته؟

 
أخاف أن يكون له أحباب سينفجعون لخبر موته, بل حتما له أحباب سينفجعون لخبر موته

انتبهتُ فجأة لسيارة مُسرعة على المسار الأيسر وأخرى مسرعة على المَسار الأيمن لا بد من أنهما قد تجاوزا حد السرعة بقرابة 40 كيلومترا في الساعة بدا كأنهما يتسابقان للوصول إلى هدف غير واضح

تجاوزاني في نفس اللحظة وكأنما كُنتُ واقفا في مُنتصف الطريق ثم قام صاحب السيارة التي كانت في المسار الأيمن بالتحول للمسار الأوسط رُغم وجود أقل من متر يفصل بين سيارته وسيارتي وكأنما لم يكن مُقتنعا بوجودية سيارتي

 
إنه الإرهابُ بعينه

لا بُدَّ أنهما مرا بالحادث فليس لهنا طريق إلا من هناك

ألم يتعظا مما رأيا؟

هل هُم حيوانات ذاكرتها قصيرة المدى لتنسى شيئا قد رأوه قبل خمسة دقائق؟

هل مَفهوم الموت متعذّر بالنسبة لهذه الكائنات البدائية؟

شككت في قدرتي على إكمال الطريق ولكنني أكملته فلم يكن لي بديل عن ذلك ووصلتُ سالما بحمد الله ولكنني سأضطر لقطع نفس الطريق لمرات ومرات عديدة في المسُتقبل ولا أريد أن يكون الموتُ هاجسا لا يُفارقني كل مرة أحتاج أنت أنتقل من النقطة أ للنقطة ب ولا أريد أن أشعر بضرورة ملحة لتحمّد السلامة كلما أخبرني شخص أحبه أنه سافر من مكان لآخر

 
من المُفارقات المُضحكة المبكية أن أجدادنا كانوا يقطعون الصحراء مشيا أو على دوابّهم ويستغرقهم ذلك أسابيعا أو شهورا وذات يوم جائنا شخص لا نعرفه أخبرنا أننا نملك شيئا لا نعرفه يُدعى النفط أعطانا الكثير من المال من أجله ثم أخذ منّا بعض المال وأعطانا دوابا لا نعرفها تأكل وتشرب النفط الذي لم نكن نعرفه وبعد مئات السنين من قطع الصحراء ببطء شديد أصبحت لدينا حاجة ماسّة للوصول لكل مكان آنيّا في نفس اللحظة بأقصر وقت مُمكن وكأنما كان تواجدنا في ذلك المكان أمرا تتحتم استمرارية الوجود عليه
 
إحصائية مُرعبة: في عام 2011 بلغ عدد الموتى من حوادث السيارات في السعودية 7153 قتيل بينما بلغ عدد ضحايا العُنف في العراق قُرابة 4200 قتيل

دائما ما نُبدي استيائنا من عيشنا في هذا المكان ودائما ما نُقارن أنفسنا بغيرنا من الدول الأفضل منّا في مجالات كثيرة. هُناك أحيانا أسباب خارجة عن إرادة الأفراد ولكن في مسألة مثل قيادة السيّارات فهي ترجع للأفراد أنفسهم فهم أنفسهم من يُصححونها ولا يُعقل انتظار جهة معنية لتعكف أيدي الناس وتُصلح الأمر

 
لستُ كاتبا هادفا وغالبا لن أُكثر الكتابة بهذه الطريقة في المستقبل ولكن كتبتُ لأهمية الموضوع فقط

عزيزي السائق, لن أطلب منكُ أن تبدأ بإصلاح نفسك, فقط سآمل أن تكون ذكيا بما فيه الكفاية لتقوم بذلك بنفسك

12/03/2013

الضحيّة التالية

كانت الدجاجة تقود سيارتها على طريق سريع شبه خالي يُحاذي المدينة في جهتها الشمال غربية في ساعة متأخرة من الليل

كانت تُمسكُ عجلةَ القيادة بكلتا جناحيها وعيناها بالكاد تعلو فوق مستوى العجلة

انتبهت الدجاجة فجأة لصوت سرينة سيارة الشرطة وأنوارها من خلفها طالبة منها الوقوف على جانب الشارع

عقدت الدجاجة حاجبيها وتمتمت الدجاجة لنفسها "يا الله!! والله مب وقته أبد" ولكنها حافظت على أعصابها فهدّأت من سرعتها وتوقفت على خط الطوارئ في جانب الشارع وقامت بتشغيل النور التحذيري الوامض

توقّفت سيارة الشرطة خلفها فانتظرت الدجاجة الشرطي ليأتي لها ولم يستغرق ذلك الكثير من الوقت فما هي إلا ثواني حتى كان الشرطي الكلب الهسكي الأبيض واقفا عند باب سيارتها

كان الكلبُ متسق القوام ذي عينين متقدتين وملامح حادة

أنزلت الدجاجة دريشة الراكب وقالت: مساء الخير حضرة الشرطي الكلب, معليش هل كنت مسرعة ولا شي؟

لم يرد الكلب الشرطي وأشاحَ مصباحه الليلي في وجهها وملامح الشك جليّة في سمات وجهه وبعد بضع لحظات من الصمت القاتل قال الكلب: الرخصة والاستمارة لو سمحتي

أخرجت الدجاجة الرخصة والاستمارة من درج السيارة وأعطتهما للشرطي فتطلع فيهما الشرطي وقال بأعصابٍ باردة مُتجمدة: دقيقة

رجع الشرطي الكلب لسيارته وبقت الدجاجة في سيارتها

ساد الصمت في الشارع باستثناء أصوات مُحركي السيارتين وطنطنة راديو الشرطي الكلب

*****

فتحت الدجاجة باب شقتها وقامت بإخراج رأسها مع الباب مُتفقدة هل كان أحد بالممر أم لا

لم يكن هُناك أحد

فتحت الدجاجة الباب على مصراعه وقامت بسحب كيس يبدو أنه كيسُ قمامة ثقيل

كانت الدجاجة صغيرة الحجم وكتكوتة ولكن تجهم ملامح وجهها يجعلك تُفكر مرتين قبل أن تبدأ حوارا معها

عندما سحبت الدجاجة كامل الكيس وأصبح خارج الشقة تركته لثانية حتّى تقوم بإغلاق الباب

كان الكيسُ مائلا ولم يكن مغلقا بإحكام

نتيجة للعزم الناتج من عدم استقامة الكيس وقوة الجاذبية, سقط الكيسُ على جانبه وسالت قطرة دم داكنة اللون من فتحة الكيس على رُخام الممر اللامع

كانت الدجاجة تقف على أطراف أصابعها تحاول الوصول إلى مقبض الباب لتسحبه وتُغلقه عندما شاهدت الكيس وهُو يسقط على جانبه
 
هرعت الدجاجة إلى الكيس وقامت بإعادة فتحته للأعلى لكي لا يسيل المزيد من الدم

لعنت الدجاجة أم الحالة وشتمتها عدة مرات بصرخات مكتومة وذهبت لتحضر منشفة وبخاخا مُطهرا من داخل شقتها لتقوم بتنظيف بقعة الدم

قامت الدجاجة بتنظيف البقعة وأغلقت باب شقتها وسحبت الكيس للمصعد الذي تتشارك فيه شقق ذلك الدور من العمارة

ضغطت الدجاجة الزر وانتظرت

بعد مرور قرابة الاثنى عشر ثانية من ضغطها للزر خَرَجَ جارها الماعز من شقته ومسّى عليها بالخير فردت الدجاجة التحية وابتسمت ابتسامة مُزيفة من دون تجاعيد عينين

أدارت الدجاجة رأسها لباب المصعد ونظرت إليه بوجه خال من التعابير بينما كان الماعز يتطلع لباب المصعد ويسترق نظرات فضولية إلى الدجاجة وإلى الكيس كل بضع ثوانٍ
 
"هل هذا وقتُ إخراج القمامة؟" كان الماعزُ يتسائل

بقيا ينتظران المصعد لتسع ثوان إضافية يسودها صمت آكووردي ثقيل قبل أن يصل المصعد برنته المميزة

دخلت الدجاجة المصعد ودخل خلفها الماعز

حاول الماعز تبديد الصمت الآكووردي إذ قال للدجاجة: كيف الويكند؟

قالت الدجاجة بلكنة كاجولية: الحمد لله تمام, إنت كيف الويكند معك؟

فقال الماعز: ماشي حالو

وصل المصعد للدور الأرضي وانفتح الباب فخرجت الدجاجة ساحبة الكيس الثقيل وخرج وراءها الماعز من المصعد وخرجا من باب العمارة

قطعت الدجاجة الشارع ساحبة الكيس الثقيل لسيارتها المركونة في الجهة الأخرى من الشارع بينما مشى الماعز لسيارته المركونة قرابة العشرة أمتار من الباب على نفس جهة الباب

بعد أن قام الماعز بإدارة المفتاح في باب سيارته رفع عينيه نتيجة لفضوله الذي لم يُشبَع ناظرا باتجاه الدجاجة على نور الشارع الخافت ورأى سائلا على اسفلت الشارع يبدو أنه يجري من فتحة في الكيس المثقوب

خطا الماعز بضعةَ خطوات لبداية أثر السائل ولمسها بحافره فاتسعت عينا الماعز وصرخ بالدجاجة: هييييه!!! وش ذا الدم؟؟ وش في الكيس؟؟

خطا الماعز باتجاه الدجاجة بسرعة من غير أن يُفكّر

لم تجد الدجاجة سببا مقنعا للرد على الماعز فقد كان واثقا مما رأى وليس ثمّة آلة زمن يمكنها الرجوع بالوقت لكي تُصحح الدجاجة خطأها

يالكثرة أخطائها الليلة

لم تكن تلكَ عادتها ولكنها يبدو أنها إحدى الليالي السيئة لسبب غير واضح

أخرجت الدجاجة خنجرا صغيرا كانت تخبأه تحت ريشها وركضت باتجاه الماعز

عندما رآها الماعز تركض باتجاهه قام بالعدول عن قراره بمواجهة الدجاجة وسقط أرضا وحاول النهوض والجري في الجهة الأخرى

لم يكن ذلك ليُجدي نفعا فالدجاجة كانت أسرع منه إذ لحقت به وغرزت خنجرها في مؤخرة رقبته بقوة فخرّ الماعزُ صريعا وسالت بقعة من الدم على الأرض

أحضرت الدجاجة كيسا من مقصورة أمتعة سيارتها وأدخلت جثة الماعز فيه وأغلقته بإحكام هذه المرة ووضعت الجثتين في المقصورة

قامت الدجاجة بمسح الدم الموجود في الشارع بعدة خرق كانت تحملها في مقصورة سيارتها

لم يَزُلِ الأثر تماما ولكن ليس هُناك وقت لتنظيفه فلا بُدّ من أن تتخلص من الجثث قبل طلوع الشمس التي لم يتبق على طلوعها إلا أقل من ساعة

ركبت الدجاجة سيارتها وقادتها للطريق السريع متجهة لجهة نائية من المدينة لدفن الجثث

*****

كان شرطي المرور الكلب الهسكي الأبيض جالسا في سيارته يحتسي قهوته في ساعة متأخرة من الليل

كان صوت ارتشافه القهوة يُقاطع الصمت المريع في هذه الجهة النائية من المدينة

لم يكن يُمانع النوبات المُتأخرة, كان يطلبها بالأحرى

كانت سيارته يصعب مشاهدتها إذ كانت مصابيحها مُطفأة وكانت مركونة أسفل جسر على الطريق السريع شمال غرب المدينة

ليست هناك سيارات كثيرة الليلة

كان ذلك لا يخدم مصالحه فكونه قاتل مُتسلسل يقتنص ضحاياه في ساعة مُتأخرة على الطريق السريع يحتاج لغزارة في الخيارات المُتاحة للضحايا

كان يُحب اقتناص الحيوانات الكبيرة التي تستطيع الدفاع عن نفسها فهُو يعشق التحدي في هوايته الملتوية

كانت مقصورة أمتعة سيّارة الشرطة تحتوي على غزال متوسط الحجم قام باستدراجه وقتله قبل قرابة الساعتين وكانت المقصورة تتسِع لحيوانٍ آخر مُتوسط الحجم

قرّرَ أنه سينتظر ليظفر بضحية أخرى قبل أن يقوم بالتخلص من الجثة

نظر الكلبُ في مرآته الخلفية فرأى نور سيارة قادمة من بعيد

يبدو أنه ربما قد وجدَ ضحيته التالية

قام الكلبُ بتشغيل محرك سيارته وإشعال مصابيحها وقيادتها لاحقا السيارة التي تجاوزته هذه اللحظة.

*****


كانت الدجاجة تقود سيارتها على الطريق السريع في طريقها لدفن جثتيها في مكان ناءٍ من المدينة عندما استوقفها الشرطي الكلب

تمتمت الدجاجة لنفسها "يالله!! والله مب وقته أبد" وقد كانت صادقة في قولها فمقصورة أمتعتها تحتوي جثتين لقرد متوسط الحجم وماعز ملقوف

لم ترَ سببا يستدعي إيقافها إلا إن كان أحدٌ قد تتبعها وبلغ عنها الشرطة

كانت هناك احتمالية بسيطة أيضا أنّ الإيقاف كان عشوائيا أو لسبب تافه فقامت بالتوقف على جانب الطريق

كان الشرطي كلبا هسكيّا أبيضا وقد كان أيضا قاتلا مُتسلسلا لا يزال يبحث عن ضحيته التالية

تمالكت الدجاجة نفسها وتعاملت مع الموقف ببرود لا يُجيده إلا القتلة المُتسلسلين

لم يرَ الكلبُ أن الدجاجة كانت ضحيّة تمثل له أية تحدٍ فقام بأخذ أوراقها الرسمية  رغم اقتناعه فور رؤيتها أنه سيدعها تذهب ولكنه تحقق من أوراقها
 
كانت الدجاجة مُمسكة بمُسدس كانت تُخبه في درج السيارة الأمامي في حال كان الكلب سيطلبُ منها النزول من السيارة ولكن ذلك لم يحدث, لحسنِ حظِّ كليهما
 
عاد الشرطي الكلبُ وقال للدجاجة: بعطيك تحذير شفوي هالمرة ولكن المرة الجاية بعطيك مُخالفة

ورجعَ لسيّارته تاركا الدجاجة تتسائل "هاه؟" وهي لا تزال قابضة على مُسدسها المدسوس الذي تُخبأه بجناحها اليسار

لم تُضع الدجاجة وقتها إذا قامت بتشغيل سيارتها وانصرفت وانصرف الشرطي الكلب خلفها تاركين المكان مهجورا كما كان
 
مضت الدجاجة لتدفن ضحاياها

وتابع الكلبُ بحثه عن ضحيته التالية