سنجوب يسلم عليكم ويقول سوّوا شير واتركوا تعليقات وكيذا يا عيال

Twitter: @SaadMotham

9/19/2015

حظيرة البشر

كان البشر جالسين في أعشاشهم في حظيرة البشر.

نعم! ما قرأته صحيح, ففي هذا العالم الموازي يقوم الدجاج بتربية البشر في حظائر مخصصة لهذا الغرض ويقومون أيضا بجمع بيض البشر وأكله وفعل أشياء عنيفة به قد لا تجرؤ على قراءة وصفها.

في هذا العالم, يبلغ حجم البشر حجم الدجاجة في عالمنا ويبلغ حجم الدجاجة قُرابة حجم بشري في عالمنا.

كان البشر الخمسة عارين من أية ملابس ولكن كان يكسو جلدهم ريش أبيض.

لم يكن ذلك غريبا فهو معروف في كل العوالم الموازية أن الريش علامة الزلائب.

يبدو البشر وكأنهم ممثلين في برنامج للأطفال يلبسون فيه بدلة دجاجة تغطي كل أجسامهم ما عدا أوجههم.

كان اليومُ أحد أيام الشتاء وكانت الساعة تُشير إلى الرابعة مساءا وكانت السماء تمطر بكثافة ويُسمع صوت الرعد كل دقيقة أو دقيقتين.

كان التوتّر يسري في الجو فالبشر يعلمون أنّ الدجاجة ستستضيف الخروف اليوم وغالبا ما ستقوم بالتضحية بأحدهم في سبيل ذلك.

غالبا ما ستقوم بقطع رقبة أحدهم وسلخ جلده بريشه وتقطيعه وطبخه مع بعض الخضار اللذيذ, فهذا هو الطبق الذي تشتهر به الدجاجة.

كان كل بشري يتمنى فقط لو لم يكن هو من سيموت اليوم حتى لو كان ذلك يعني موت أحدهم الآخر.

لا يمكنك لومهم فغالبا ما كنتَ لتتمنّى نفس الشيء, عزيزي القارئ.

كان الجميع يترقبون دخول الدجاجة المفاجئ لتقوم بقرعة الحياة والموت وتختار أحدهم لمصيره المحتمّ.

قالت عبير قاطعة الصمت المخيف: أنا ما عندي مشكلة لو بتذبح أي واحد فينا, بس خل تسوي جدول نعرف مين بيموت اليوم ومن بيموت بكرة ومين بعده.

قال أحمد: صح يعني حنا عارفين هذي سنة الحياة بس الانتظار لحاله يذبح.

قال مهدي: آآآآه, وش تسوّي بس, أتمنى التوفيق للجميع.

نظر الجميع إلى مهدي الملحوس, فالكل يعلم أن التوفيق لن يطالهم جميعا.

قالت هيفاء وهي واضعةٌ يدها على بيضتها: أتمنى ما أضطر أودع بيضتي اليوم.

قال علاء بلهجة من نفذ صبره: ياخي الدجاجة بنت كلب, وش يعطيها الحق إنها تذبحنا؟

ساد صمت آكووردي مهيب والأربعة الآخرون ينظرون إلى علاء باستغراب, وأخيرا قال أحمد: وش قصدك؟

قال علاء: الدجاجة كائنة عنيفة تظن إن عندها حق وسلطة إنها تسخّر وجودية كائنات أخرى لراحتها ورفاهيتها.

قالت عبير: وشلون يعني؟ حنا الكائنات الأخرى قصدك؟

قال علاء وقد اعتلى وجهه السرور لأن البقية بدؤوا يفهمونه: بالضبط!

ساد الصمت للحظة ثم انفجر الجميع يضحكون.

قال أحمد: وشذا الأفكار الملحوسة؟ هههههه شكل الخوف غسل مخك.

قال عبير من جد هههههه حنّا والدجاجة مب على نفس المستوى ترى. استخفيت الظاهر.

قال علاء: فكروا فيها, وش السبب اللي يخلي الدجاج ياكلنا؟ لأننا زلايب وما عندنا جرأة نوقف في وجهها!

قال مهدي: ههههههه وش صنفك يخوي؟

ضحك الجميع على علاء الذي علت وجهه سمات خيبة الأمل من انغلاق أصدقائه ولكنه لا يلومهم, فهم وُلِدُوا وترعرعوا في عالمهم الصغير ولا يُعقل أن يتوقّع منهم أن يفهموا وجهة نظره المرة الأولى التي يشاركهم بها.

خطا علاء بضعة خطوات إلى بيضتيه على خلفية ضحك الجميع واستهزائهم به.

جلس علاء على إحدى بيضتيه يفكر في مصيرهم المشؤوم وفي أيّة طريقة ممكنة قد يستطيع بها إقناع الآخرين بوجهة نظره.

مرت دقائق هدأ خلالها ضحك الجميع وعادوا يزاولون شؤونهم.

توقف المطر عن الهطول فعمّ الهدوء المكان مجددا ما عدا صوت حوارات البشر المقتضبة.

فجأة, فتحت الدجاجة الباب ووقفت عند الباب بجسمها الكبير.

ارتعد جميع البشر وأخذوا يصرخون وتجمّع الجميع في إحدى زوايا الحضيرة كأنما كان ذلك ليحميهم من بطش الدجاجة.

كان علاء الأخير والأبعد عن البقية وسرعان ما اقترب منهم.

تفاجأ علاء أن الجميع أخذوا يدفعونه بعيدا عنهم!

اقتربت الدجاجة منهم بخطوات ثابتة وعلاء منصدم من ردة فعل البقية.

صرخ علاء: وش فيكم؟!؟!؟ ليش تدفوني؟!؟؟!؟

قال أحمد: احنا قررنا إنه أفضل للجميع لو تموت إنت اليوم لأنه واضح إنك بديت تستخف وأحسن لك لو تموت قبل ما توسوس من جد!

كانت الدجاجة تقترب بسرعة.

بُهت علاء من خيانة الجميع إياه وتحليلهم المغلوط للموضوع فلم يعد يحاول الاقتراب منهم وصرخ بهم: لااا صدقوني المفروض كلنا نوقف في وجه الدجاجة أو نشوف طريقة ننحاش فيها!!

نظر له الجميع بأسف وقال فارس: هذا لمصلحتك صدقنا...

غدت الدجاجة على بُعد خطوتين من علاء والبقية فشعر علاء بعدم جدوى كلامه فالتفت مقابلا الدجاجة.

وصلت الدجاجة لهم وأخذت تنظر للأربعة الواقفين في جهة وعلاء الذي يقف لوحده.

قررت الدجاجة أن تختار علاء لتُريح رأسها كما هو متوقع فمسكته مع ساقيه قالبة إياه رأسا على عقب ووضعته على ظهرها واتجهت للخارج ووجه علاء مقابل لبقية البشر.

نظر لهم علاء بخيبة أمل للمرة الأخيرة.

خرجت الدجاجة من باب الحظيرة وأغلقته خلفها.

نظر الجميع للباب برعب.

سمعوا صوت سكّين الدجاجة يقطع رقبته. لم يصرخ علاء.

مرت دقيقة ثم سمعوا صوت الساطورة تقطع جثته لأجزاء صالحة للطبخ والتقديم للخروف مع بعض الخضار اللذيذ.

هدأ الصوت تماما.

سرت رعشة في ظهور الجميع, ولم يعلموا أنهم كانوا قد قتلوا للتو فرصتهم الضئيلة الوحيدة للفرار من مصير علاء ذاته.