سنجوب يسلم عليكم ويقول سوّوا شير واتركوا تعليقات وكيذا يا عيال

Twitter: @SaadMotham

8/07/2014

حشرة شرودنقر

كُنتُ جالسا في شقتي على كنبتي لا أفعل شيئا عدا الانغماس في أفكاري العميقة.
 
تزحلقت سعبولة على خدّي فعيشي في عالم افتراضي بديل يستهلكُ مُعظم تركيزي وانتباهي ويتركني أقومَ بأعمال ساذجة على أرض الواقع.
 
حسنا, أنا ساذج, أو فاهي, كما تُفضّل أن تدعوني. هل أستطيع استكمال سرد قصتي الآن؟
 
أين كنت؟ نعم, تنبهتُ لسيولة السعبولة على خدّي فنهضتُ لكي أأخذ منديلا أمسح به سعبولتي المنسكبة.
 
مشيت لأقرب صندوق مناديل على طاولة الطعام وأخذت منديلا وقمتُ بمسح السعبولة.
 
يبدو أن منديلا واحدا لم يكن يكفي فأكثر السعبولة لا تزالُ سائلة على خدي.
 
تبّا لفهاوتي!
 
أخذتُ مناديل أخرى ومسحتُ بقيّة السعبولة حتى غدا خدي جافّا كصحراء في أواخر جولاي.
 
عندما انتهيت من مسح السعبولة تنبهتُ لشيء لم أكن أتوقعه.
 
على الطاولة بجانب كرتون المناديل كانت هناك حشرة عملاقة لم ترَ عينيّا مثلها قط. حجمها يوازي حجم صرصور يتناول المنشطات.

لو كانت هُناكَ جائزة كمال أجسام للحشرات لفازت بها هذه الحشرة حتما.
 
كانت الحشرةُ جالسةً لا تفعل شيئا ولا تتحرك. ربما كانت نائمة. أو لعلها كانت "منغمسة" في أفكارها العميقة.
 
تطلعتُ إليها لبضعة ثوانٍ مستخدما عدسة مُكبرة متفحصا إياها بفضول معرفي.

حسنا, كنت أأمل أن تُسعبل وتكون بيننا بعض الاهتمامات المُشتركة.
 
مرت بضعة دقائق. لم تُسعبل. خابت آمالي.

يجدر بي التخلص منها ففكرة أن تتقبل الحشرة مقترح تقسيم إيجار الشقة بيننا مُستبعدة.
 
فكرتُ قليلا باستراتيجية للتخلص من الحشرة ثم أخذت بضعة مناديل ووضعتها في يدي وحاولت إمساك الحشرة بالمناديل تمهيدا لسحب السيفون عليها, حرفيا.

رمي الحشرة في الزبالة يُعتبر مثل إعطاء شقة نيويوركية فاخرة لمشرد ينام أسفل عمارة الشقة إياها ورضى الحشرة وراحتها ليسا غايتي هنا.

طردها أو ركلها خارج الشقة مُخالف للذوق العام إذ ربما عزمت نفسها على شقق أحد الجيران.

نعم, خيارُ سحبُ السيفون عليها يبدو الأنسب.

وضعت يديّ معا كحارس كرة قدم يُريد صد كرة بمنديل كي لا تتسخ يده وحاولتُ الإمساك بالحشرة.

لو كانت أختي هُنا لتحولت القصة لفلم رعب يُعرض ليلة الهولوين في سينما قديمة كئيبة لا يترددها أحد.

تحركت الحشرة فور اقترابي منها قافزة بطريقة بهلوانية مسافة متر في الاتجاه البعيد عني.

انخرشتُ إثر حركة الحشرة المُفاجئة متفهما -بعينين متسعتين- أن المهمة لن تكون بالسهولة التي ظننتها.

لحقتُ الحشرة مُحاولا الإمساك بها مُجددا ولكن مُحاولتي الثانية بائت بالفشل. وكذلك الثالثة, والرابعة, والخامسة.

أصبحتُ أقفز حول الغرفة ملاحقا الحشرة وكأنما كانت مدينة لي بمال في فلم مافيا من السبعينات الميلادية.

لم أعد أريد الإمساك بها وحسب, كانت الحشرة مطلوبةً حيّة أو ميتة في هذه اللحظات.

غالبا ما كانت الحشرة تتسائل عن السبب الذي يدفعني للإمساك بها. أتفهم موقفها.

وجوديتها في حدّ ذاتها كانت سببي, أضف على ذلك عنادها الغير مُبرر -من وجهة نظري- بالنسبة لموضوع إرادتي قتلها والتخلص من جثتها بطريقة غير مُشرّفة.

استطعتُ الإمساك بها أخيرا بعدما رميتُ جسدي على الأرض في حركة تُضاهي لاعبة كرة طائرة الشواطى في مُناسبة أولمبية عالمية.

أمسكت بالمنديل بقوة لكي لا تفرّ الحشرة المتطفلة على مساحتي الشخصية.

أصطحبتها للحمام حيث مُثواها الأخير.

رميتها في كرسي الحمّام. ارتعش جسدها إثر برودة الماء المُفاجئة.

سحبت السيفون عليها بسرعة. دارت بها دوامة الماء المسحوب واختفت كأن لم تكن.

تنفستُ الصعداء. أغلقت باب الحمام خلفي واستأنفت نشاطاتي السعبولية.

*****

أغلق ساعساعينو باب الحمّام خلفه بعدما سحب السيفون على الحشرة.

مرت قُرابة الدقيقة.

صدرت فقاعة من أسفل الماء الموجود في الكرسي.

بعد قرابة الخمسة ثوانٍ, تبعتها الحشرة تغوص ببطء في الماء متجهة لسطحه.

وصلت الحشرة للسطح ثم للشط وسحبت جسدها بيديها أو جناحيها أو أيّا كانت تلكم الأشياء.

كانت الحشرة تلهث متنفسة بسرعة.

ضاقت أعين الحشرة وانعقدت حواجبها العديدة ملوحة بقبضتها مُريدة الانتقام.

ابتعدت الكاميرا عن الحشرة على ساوندتراك درامي جامد.

*****

تنبهتُ لنفسي فجأة وأنا جالس على كنبتي مستيقظا من حلم اليقظة الذي تخيلت فيه أن الحشرة التي سحبت عليها السيفون للتو قد وجدت طريقة للرجوع إلى فضاء شقتي وهي تلوّح بقبضتها مريدة الانتقام على ساوندتراك درامي جامد.

قمت متجها للحمام, فتحتُ الباب, تفحصت الكرسي, لا يوجد شيء.

ضحكتُ إثر خيالي الواسع ومقالقي الغير مُبررة.

خرجتُ من الحمّام وأغلقتُ الباب خلفي.

*****

*قبل عشرة دقائق*

يمسح ساعساعينو سعبولته بمنديل أخذه من صندوق المناديل الذي يعلو طاولة الطعام.

يتأمل المساحة أعلى الطاولة بجانب الصندوق.

يتفحص المساحة بعدسة مكبرة.

يمسك عدة مناديل ويلاحق خياله حول الشقة لبضعة دقائق في مشهد ملحوس.

يتجه للحمام ويسحب السيفون على لا شيء.

يتنفس الصعداء.

يُغلق باب الحمام خلفه ويعود ليجلس على الكنبة والكاميرا تقترب من وجهه الذي يتأمل الكاميرا وتعلوه ملامح البراءة والجنون على ساوندتراك درامي جامد.