سنجوب يسلم عليكم ويقول سوّوا شير واتركوا تعليقات وكيذا يا عيال

Twitter: @SaadMotham

1/10/2014

سپايدرمان العمارة

كان عبالمحسن ينقل أثاثه لشقته الجديدة في عمارة الشقق العزوبية قريبا من مكان عمله البعيد عن أهله.

كان حديث عهد بهذا المكان فـقـد سكن مُؤقتا في فندق قبل ذلك واستنزف ذلك حسابه البنكي وساواه بالأرض.

لم يَكن مُتحمسا بشأن السكن في هذه العمارة فإيجاراها غالٍ على أية حال ولكنه كان مُحتدا.

الخيارات محدودة في هذه المدينة.

كان قد فرغ للتو من فكّ البلاستيك الذي يغلّفُ كنبته التي أحضرها من شقته أيام الجامعة في أمريكا.

كانت الكنبة مكونة من كرسيين طويلين يتصلان مكونين كنبة متصلة على شكل زاوية.

كانَ يُحبُّ تلك الكنبة, فهي أحد الثوابت القليلة في حياته خلال الخمس سنوات الماضية.

لم يكن يفكر بالتخلص منها أو استبدالها رغم أن ما كلفه لاحضارها هنا عبر لبحار كان ليفوق قيمتها المادية ولكن قيمتها العاطفية كانت شيئا لا يمكن استبداله.

وقف يتأمل الكنبة المتصلة التي انتهى للتو من صفها في غرفة الجلوس.

تمتم في سريرته "آآآهـ كم اشتقت لأن أجلس على الكنبة وأحتسي قدحا من القهوة وأقرأ كتابا على كندلتي."

فجأة, لاحظَ عبالمحسن شبحا مرق بسرعة من اليمين لليسار خلفَ النافذة الزجاجية.

كانت النافذة مُغبشة وكان الوقت ليلا والنور المنبعث من داخل الغرفة للخارج قد صعّب رؤية ما بالخارج.

استنكر عبالمحسن ما ظن أن عقله قد ارتآه ولم يُرجح أنه كان حقيقة.

لعله تخيل ذلك من فرط الإنهاك.

التفتَ مُستقبلا باقي الأثاث والعفش الذي يحتاجُ للترتيب والتصفيف.

سَمِع صوت ارتطام شيء بالنافذة بسرعة وأحس بهزة لم تكن قوية جدّا ولكنها كانت حتما محسوسة.

التفت للنافذة فرأى شبحا خلف النافذة تبدو تفاصيل جسمه واضحة بعض الشيء لقربه من الزجاجة.

وت ذا فك؟

هل هذا سپايدرمان؟

ضَرَبَ من كان متعلقا خارج الزجاجة, لندعه سپايدرمان مؤقتا, الزجاجة برجليه وارتدّ مُبتعدا عنها مُحدثا صوتا غالبا ما سمعه أكثر سُكان العمارة.

ساد الهدوء ولم يزل عبالمحسن مُتجمدا في مكانه من هول الموقف ومفاجأته وسُرعته.

انتبه عبالمحسن لنفسه أخيرا فخطا بضع خطوات باتجاه النافذة وفتحها ليتفقد مالموضوع.

فتح الزجاجة وأخرج رأسه ونظر باتجاه اليمين واليسار والأعلى والأسفل فلم يرَ شيئا.

أخذ عبالمحسن يتطلع أمامه لعمارة الشقق المُقابلة مُتسائلا وش السالفة ولم تمر ثانية ونصف حتى سمع صوتا من الأعلى فرفع رأسه باتجاه سطح العمارة فرأى شخصا يهوي من الأعلى حتى نزل قريبا جدا من الأرض تحت مستوى شقة عبالمحسن وفجأة توقف وارتد مرتفعا للأعلى وهو يمشي برجليه على الجدار ويسحب حبلا يبدو أنه معلق من السطح

إنه يرتدي ملابس سپايدرمان!!

قرص عبالمحسن نفسه ليتأكد أنه لم يكن يحلم ولكنه لم يصحُ من النوم.

عندما اقترب سپايدرمان خلع قناعه وقال لعبالمحسن بصوت لا يبدو أنه صوت سپايدرمان: يالله حي جارنا الجديد.

أخذ عبالمحسن ينظر إليه مذهولا وقد سقطَ فكّه من شدة الذهول وقال منلحساا: الله يحييك.

وأتبع سپايدرمان: بس حبيت أقول حياك الله في العمارة ولو تحتاج أي مساعدة في أي شي ترانا حاضرين.

سكت عبالمحسن لبضع ثوان وهو ينظر إلى هذا الشخص الملحوس وبعد عدة ثوان من الصمت الآكووردي قال سپايدرمان: اوه نسيت أعرفك باسمي. أنا عمر محمد, جارك ساكن في شقة رقم 6 جنبك جدار بجدار.

فقال عبالمحسن مُشيرا إلى وجود الفيل في الغرفة, أو خارجها بالأصح: تشرفنا أنا عبدالمحسن خالد. بس الحين إنت سپايدرمان ولا وش وضعك؟

فضحك عمر وقال: هههههههه لا أنا مجرد بق فان اوف سپايدرمان. أنا مهندس ميكانيكي صممت سستم يمكنني من التحرك زي سپايدرمان بالحبال وكيذا. مب شلخ الموضوع يعني عرفت؟

فقال عبالمحسن وقد تنفس الصعداء لتأكده من عدم جنونه: هههههه الله يرجك يا شيخ روعتني.

فقال عمر: هههههه لا بس كنت أمزح معك وحبيت أسوي لك آكشن وكذا بمناسبة الشقة الجديدة. الزبدة حياك في العمارة وهذي شقتي اللي جنبك وحيّاك الله في أي وقت.

فقال عبالمحسن مُسلكا: ههههه إن شاء الله بسيّر عليك, وانت بعد لازم تشرفني في الشقة.

فقال عمر: ابشر ما يحتاج, يالله سلام عليكم.

وارتفع عمر في الهواء تسحبه حباله وتحرك جانبا ماشيا على الجدار ودخل في شقته من خلال نافذته بقوة فتطلع عبالمحسن إليه بذهول وإعجاب وقد أحس بأن أهل العمارة كويسين وفلاويّة ودمهم خفيف وأغلق نافذته والتفت ليكمل ترتيب عفشه وأثاثه.

************

كان اليوم الثالث لعبالمحسن في شقته الجديدة وقد كان جالسا على كنبته التي يُحبها يقرأُ كتابا على كندلته ويحتسي قهوته عندما سمع صوت ساوندتراك ينفع لأن يكون ساوندتراك لفلم رعب.

توقف عبالمحسن عن القراءة وتسائل في نفسه من أين تنبعث هذه الموسيقى؟

شيئا فشيئا ارتفع صوت الموسيقى.

يبدو أنه يأتي من الخارج.

التفت عبالمُحسن للزجاجة فرأى شبحا يزحف ببطء عليها فارتعد خائفا وفجأة قَرّب الشبح وجهه من النافذة.

إنه سپايدرمان العمارة.

"ههههههههه روعني الله يرجه!!", قال عبالمحسن لنفسه.

قام عبالمحسن من على كنبته وفتح الزجاجة فرأى عمر الله يرجّه فضحك عمر وأخرج ريموتا من جيبه وضغط زرا أوقف الساوندتراك الذي كان صوتا منبعثا من ساوندسستم ركبه هذا الفاضي على جدران العمارة.

هههههههه.

يالفضاوته.

خلع سپايدرمان قناعه عن وجهه فأصبح عُمر وقال وهو واقف بشكل أفقي موازٍ لسطح الأرض: هاپي هالوين هههههه.

فضحك عبالمحسن وقال: هههههه هاپي هالوين الله يرجك يا شيخ روعتني والله.

فقال عمر: هههههه بس كنت أمزح معك وحبيت أقول لك هابي هالوين وكيذا, كنت أحب الهالوين يوم اني ادرس في أمريكا وصرت أفقده بعد ما جيت هنا.

فقال عبالمحسن: يوووه أنت دارس في أمريكا! حتى أنا! وين درست؟

فقال عمر: في پين ستيت, خلصت قبل ثلاث سنوات. وأنت؟

فقال عبالمحسن: يونيفيرسيتي أوف كلورادو, توني راجع فِريش قبل شهر, أقول تعال ادخل وراك جالس هنا؟

فقال عمر: زين.

ودخل عمر لشقة عبالمحسن من خلال النافذة وضغط زرا على بدلته فانفكت الحبال وسحبها لداخل الشقة معه وسحب وسحب وسحب ولم تنته الحبال فسحبها مُجدد وكثرت الحبال في داخل الغرفة حتى امتلأت الغرفة بالحبال لمستوى الرُكب تقريبا وجلسَ عبالمحسن وعُمر على الكنب وسكب عبالمحسن لعمر قدحا من القهوة وأخذا يتبادلان أطراف السوالف

************

مرت بضعة ساعات وتأخر الوقت وبدأ عبالمحسن يتثائب وعمر لا يبدو أنه سينقلع أو حتى لينتبه لأنه كان ضيفا ثقيلا فأغمض عبالمحسن عينيه متظاهرا بالنوم لعل عمر يفهم ويخرج لبيته هو وشبكته الحبالية التي ملأت الغرفة فقال عمر: عبدالمحسن, عبدالمحسن. قم وراك نمت؟

ففتح عبالمحسن عينيه وطالع في عمر لبضعة ثوانٍ مُحاولا إتقان دور النائم وقال: والله تعبان اليوم صاحي من خمس ونص للدوام وكذا.

فقال عمر: تقهو! تبيني أصب لك؟

فقال عبالمحسن: لا أنا والله شكلي برقد.

فساد الصمتُ الآكووردي قُرابة الثلاثين ثانية لم يقل أحدٌ فيها شيئا وبعدها قال عُمر أخيرا: يالله أجل, نشوفك على خير.

وقام عمر من على الكنبة تاركا خلفه الحبال فقال عبالمحسن: تعال لا تنسى حبالك.

فقال عمر: لا لا يابن الحلال عندي غيرها لا تشيل همها, يالله نشوفك على خير.

فانلحس عبالمحسن من ردة فعل عمر إذ أنه كان يريد منه أخذ حباله معه لكي لا يضطر للتخلص منها لأن ترى شقة عزوبية يعني ولكن يبدو أن عمر كان ثقيل دم بالفطرة.

أخذ عبالمحسن يتطلع للحبال التي تملأ الغرفة وهو لا يعلم ماذا سيفعلُ بها.

*************

كان عبالمحسن يلعب الفيفا في شقته مع صديقه خالد سعد وكانا مستمتعين بوقتهما عندما سمعا صوت هزة فنظر خالد لعبدالمحسن وقال: بسم الله! حسيت باللي حسيت فيه؟

فقال عبالمحسن وهو لا يزال ممسكا بالجهاز ومُركزا على الشاشة: ايه.

فقال خالد وقد اعتراه الخوف: وشو ذا؟

فقال عبالمحسن وعيناه لم تتركا الشاشة: هذا جاري مسوي فيها سپايدرمان. كل يومين جاي يتميلح. بثر أبلشنا.

فظهرت سمات اللحسة على وجه خالد وقال: وشلون سپايدرمان؟

وقال عبالمحسن مُوضحا: يعني مسوي يتعلق بالحبال وكذا, صدقني أول مرة مرتين تشوفه تنبهر وبعدين تطفش, كل يوم نفس الشي ويتوقع منك نفس الانبهار, وبعدين الشخص نشبة وعلة وثقيل دم.

فسكت خالد وأخذ يكمل اللعب وفجأة أحس بشيء يراقبهم فالتفت للنافذة فرأى شبح سپايدرمان وقد التصق وجهه بالزجاجة فخاف وصرخ قائلا: عبالمحسن شف شف.

فلم يلتفت عبالمحسن مبقيا عينيه على التلفاز وقال مُستجديا صديقه: لا تعطيه وجه. ترى بينشب.

فحاول خالد التحكم بأعصابه وهو يحاول اللعب ومرت عدة دقائق وسپايدرمان لا يزال مُلصقا وجهه بالزجاجة وهو متضايق من عدم لفت انتباه جمهوره فأخذ يطرق على الزجاجة ولكن عبالمحسن وخالد لم يعيراه انتباها وزاد عبالمحسن من صوت التلفاز ليغطى على صوت طرق سبايدر مان ولكن طرقه لم يتوقف بل ازداد حدة وقوة فتاليتها قال عبالمحسن لخالد: أقول مشينا بس. شكل ذا البثر مب تاركنا في حالنا.

فأطفأ عبالمحسن جهاز البليستيشن وأقفل النور وخرج وزميله خالد من الشقة تاركين سبايدر مان يطرق على زجاجة الغرفة المُظلمة.

*************

كان عمر (سپايدرمان) جالسا في شقته لوحده وقد بدأت تغزوه ارهاصات الطفش فقام من كرسيه الذي يقابل التلفاز وارتدى بدلة سپايدرمان وفتح النافذة وسحب الحبال المعلقة من السطح إلى داخل الغرفة وقام بتركيبها ببدلته وقفز من النافذة كاجوالي وأخذ يتسائل ماذا يا تُرى كان جيرانه يفعلون في هذا الوقت

قال لنفسه "لعلّي أسرق قليلا من انتباههم" فأخذ يمشي أفقيا على جدران العمارة متعلقا بالحبال المُثبتة في سطح العمارة

عندما اقترب من شقة عبالمحسن (التسمية التي لم يكن عبالمحسن يهضمها) قام بإخراج الريموت من جيبه وقام بتشغيل الساوندتراك وأخذ يمشي على الجدار بسرعة متوجها لشقة عبالمحسن حتى اقترب منها ولما رأى بالداخل فُجع لما رأى!

يبدو أن عبالمحسن قد قام بتركيب ستائر بلاكآوت عادمة الرؤية!

شدعوا يا حافظ

رجّح سپايدرمان أن الشمس كانت تضايق عبالمحسن

"فعلا." قال لنفسه, "أتفهم موقفه عيال أمريكا ما تعودنا على الشمس القويّة زي هنا. الوضع يحتاج ستاير بلاكآوت. التمس لأخيكَ عذرا. ليست مُشكلة. سأسأله عندما أُضايقه من زجاجة الحمّام لاحقا"

وأخذ سپايدرمان يمشي على الجدار مُتفقدا الشقق المُجاورة وبعد المرور على شقتين أخريين كان أصحابهما قد ركبوا ستائر البلاكآوت عادمة الضوء, وجد صاحب شقة يبدو أنه جديد في العمارة

"بس, جابك الله!" تمتم سپايدرمان لنفسه


وذهبَ ليفعل ما يقتضيه الحال ليُعيد التاريخ نفسه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق