سنجوب يسلم عليكم ويقول سوّوا شير واتركوا تعليقات وكيذا يا عيال

Twitter: @SaadMotham

1/18/2014

خصوصيّة يوتيوبيّة



كانت الدجاجة  تمشي في الهواء الطلق عبر الساحة الترابية الخارجية لمزرعة الحيوانات وهي تنظر إلى شاشة جوالها الذكي غير آبهة لطريقها رُغم أنه من المُفترض أن يهمها أكثر مما كانت تُطالعه على جوالها.

مادتِ الأرضُ بالدجاجة وكادت تصفط على وجهها إثر نزول مستوى الأرض ولكن الدجاجة لم تُبعد عينيها عن شاشة جوالها.

في الحقيقة, "أصلا عادي" أخبرت الدجاجة نفسها وقد صدقت بقولها فقد كان ذلك أمرا اعتياديا.

كم من جدار ارتطمت به وكم من دجاجة وبقرة وخروف اصدمت بهم خلال تصفحها لجوّالها الذكي.

بينما كانت الدجاجة تمشي على هذه الطريقة استدعت انتباهها البقرة من خلف الشبك الفاصل بين حظيرتي الدجاج والبقر في الجهة الأخرى من الساحة التُرابية عندما قالت: هيييه, يالدجاجة.

توقفت الدجاجة عن المشي ورفعت سبّابة جناحها للبقرة طالبة منها الانتظار وأبقتها مُرتفعة لبضعة ثواني وعندما انتهت مما كانت تفعله على جوّالها خفضت جناها ورفعت عينيها للبقرة وتغيّرت تعابير وجهها الفاهية آنيا لتبتسم وغيرت من زاوية مشيها لتقترب من البقرة.

عندما اقتربت الدجاجة ولم تعد البقرة تحتاج لأن تصيح حتّى تسمعها الدجاجة قالت البقرة بصوتٍ مُنخفض رُغم عدم وجود أية حيوان آخر في محيطهما: وش صار على البضاعة؟

نظرت الدجاجة للبقرة باستغراب وقالت: وشو بضاعته؟

فقالت البقرة: البضاعة اللي تكلمنا عنها ذاك اليوم, هماس تقولين فيه بضاعة جايّة وبتضبطيني؟ وش صار عليها؟

سكتت الدجاجة للحظتين قبل أن تقول: آهااا شكلس مشبهة علي. أتوقع تتكلمين عن بنت عمي الدجاجة الثانية, أنا منب راعية 'بضايع' بغض النظر عن طبيعة البضايع.

تغيرت تعابير وجه البقرة وانحرجت وقالت: هههههه معليش والله, إنتم يالدجاج تتشابهون وكيذا ومثلس خابرة.

فتصنعت الدجاجة الضحك لتجاوز الموقف الآكووردي وقالت: هههههه لا عادي يا بنت الحلال, تحصل في أحسن العائلات.

رُغمَ تظاهرهما بالتفاهم ساد الصمت الآكووردي لبضعة ثواني بينما كانت البقرة والدجاجة تتطلعان إلى الأرض وبعدها رفعت الدجاجة عينيها وقالت: شفتي الـــ …

يبدو أن البقرة أيضا تكلمت في نفس اللحظة إذ قالت: وش أخبــ ..

سكتت البقرة والدجاجة سوية إثرَ عدم إرادة أيهما مقاطعة الأخرى وحثت كل منهما الأخرى على الحديث ولكن كليهما أرادت من الأخرى الكلام أولا.

سكتتا سوية لثانيتين قبل أن تعزم الدجاجة أمرها وتقول كي تتحكم هي بسير الحديث: جاني برودكاست عالواتسآپ فيديو عاليوتيوب بشر يذبحون خروف, تبين تشوفين؟

فاتسعت عينا البقرة الكبيرة وقالت: يمّه! إيه وريني.

ففكّت الدجاجة قفل جوالها وقامت بتشغيل الفيديو على اليوتيوب وحَنِت البقرة رقبتها من فوق الشبك لتقترب من الدجاجة وترى معها الڤيديو.

بدأ الڤيديو وكانت ملامح الدجاجة تشف عن انتظار لعلمها ما سيحدث بينما كانت ملامح البقرة تشف عن ترقّب وفضول وبعد قُرابة العشرة ثواني من بدء الڤيديو بدا أن الفأس قد وقع على الرأس لو صحّت الاستعارة فشفت ملامح البقرة والدجاجة عن اشمئزاز وغطّت الدجاجة وجهها بجناحها بينما خبأت البقرة رأسها خلف الدجاجة رُغم أن رأسها لوحده كان أكبر من الدجاجة.

بعد ذلك انتهى الڤيديو وساد صمتٌ ثقيل ساد لنصف الدقيقة قاطعه بعدها قول الدجاجة: يختي مساكين الخرفان.

وردّت البقرة بتأثر: إي والله, يختي ليش يسوون لهم كذا؟ يمكن الخروف مسوي لهم شي؟

فقالت الدجاجة رافعة كتفيها: مدري والله, وشرايس نروح نسأل الخروف يمكن عنده خبر؟

فوافقتها البقرة وخطت ثلاث خطوات ليسارها نحو باب الشبك الذي يفصل بين حضيرة الدجاج وحضيرة البقر ودخلت البقرة لحضيرة الدجاج ومشيتا سوية باتجاه حضيرة الخروف وفتحا باب الشبك الذي يفصل بين حضيرتي الدجاج والخراف ومشيا مع بعضهما خلال صمت آكووردي وعندما وصلا أخيرا لحضيرة الخروف الخشبية وجدا أنها كانت مُقفلة فطرقت الدجاجة الباب.

لم يرد الخروف فورا.

طرقت البقرة الباب.

ردّ الخروف بعد خمسة ثوان: مييين؟

فقالت الدجاجة: حنا البقرة والدجاجة. افتح.

فقال الخروف: وش تبون؟

فقالت الدجاجة افتح شوي, بنكلمك.

فقال الخروف بعد صمت استمر ثلاثة ثوانٍ وكأنما كان يقرر جدوى استجابته لطلب الدجاجة: طيّب لحظة.

فقالت البقرة: وش قاعد تسوّي؟

وقال الخروف من خلف الباب: اصبري شوي يختيالواحد ما عنده خصوصية في ذا المزرعة! وشذا الحالة؟!

انتظرت الدجاجة مع البقرة لدقيقتين عند الباب وعلى وجههما نظرات شديدة الفضولية لمعرفة لماذا كانت خصوصية الخروف شديدة الأهميّة بالنسبة له وأخيرا فتح الخروف الباب لما يكفي لأن يخرج رأسه مع الفتحة وقال: نعم؟

قالت الدجاجة بينما كانت هي والبقرة يُحاولان أن يسترقان النظر لداخل الحظيرة لعلهما يعرفان ما كان يفعل الخروف: شفنا ڤيديو عاليوتيوب بشر يذبحون خروف ودنا تشوفه.

لم يشعر الخروف بأن هناك مفرا من مُشاهدة الڤيديو فأسرع طريقة للتخلص من كان على شاكلة هؤلاء هي الاستجابة لطلباتهم وزحلقة الموضوع فخرج من حضيرته وأغلق الباب خلفه وقال: وروني.

فشاهدت الخروف مقطع اليوتيوب مع الدجاجة والبقرة وشفت ملامح الدجاجة والبقرة عن انتظار في البداية بينما شفت ملامح الخروف عن انتظار وترقب وفُضول وعندما وقع الفأس في الرأس مرة أخرى كشّت كل الحيوانات إثر بشاعة المشهد وبعدها قال الخروف مُحافظا على أعصابه رُغم كل شي: طيب وش المطلوب؟

فقالت البقرة باستغراب: وشو وش المطلوب؟ ليه ذبحوه كذا؟

فقال الخروف مُستغربا عدم معرفتهم للسبب: وشو ليه ذبحوه كذا؟ يبون ياكلونه!

فنظرت الدجاجة والبقرة للخروف بخوف وفجعة وأتبعَ الخروف: ههههههه وأزيدكم من الشعر بيت, تراهم يذبحون الدجاج والبقر ويصلحونكم شاورمر ومكبسوسة ومشوياتي وكباكب وهمبرقور ومنديد وكل شي, دوروا في يوتيوبكم ذا اللي فرحانين فيه.

وفتح الخروف باب حضيرته ودخل وأغلقه خلفه تاركا الدجاجة والبقرة وعلى ملامحهم سمات الصدمة وعدم التصديق.

عندما ارتطم باب الحضيرة بإطاره وانغلق خلف الخروف نظر لأمامه وقال فاركا يديه ببعضهما: أينَ كُنَّا؟

ورجع لكي يجلس خلف مكتبه ليُكمل اجتماعه مع البشريّ الشرير الذي كان يزور المزرعة وقتها بتكتم لاجتماعٍ خُصِّصَ لتسهيل تهريب وبيع الخراف والدجاج والبقر القاطنين في مزرعة الحيوانات للبشر آكلي لحوم الحيوانات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق