سنجوب يسلم عليكم ويقول سوّوا شير واتركوا تعليقات وكيذا يا عيال

Twitter: @SaadMotham

12/03/2013

الضحيّة التالية

كانت الدجاجة تقود سيارتها على طريق سريع شبه خالي يُحاذي المدينة في جهتها الشمال غربية في ساعة متأخرة من الليل

كانت تُمسكُ عجلةَ القيادة بكلتا جناحيها وعيناها بالكاد تعلو فوق مستوى العجلة

انتبهت الدجاجة فجأة لصوت سرينة سيارة الشرطة وأنوارها من خلفها طالبة منها الوقوف على جانب الشارع

عقدت الدجاجة حاجبيها وتمتمت الدجاجة لنفسها "يا الله!! والله مب وقته أبد" ولكنها حافظت على أعصابها فهدّأت من سرعتها وتوقفت على خط الطوارئ في جانب الشارع وقامت بتشغيل النور التحذيري الوامض

توقّفت سيارة الشرطة خلفها فانتظرت الدجاجة الشرطي ليأتي لها ولم يستغرق ذلك الكثير من الوقت فما هي إلا ثواني حتى كان الشرطي الكلب الهسكي الأبيض واقفا عند باب سيارتها

كان الكلبُ متسق القوام ذي عينين متقدتين وملامح حادة

أنزلت الدجاجة دريشة الراكب وقالت: مساء الخير حضرة الشرطي الكلب, معليش هل كنت مسرعة ولا شي؟

لم يرد الكلب الشرطي وأشاحَ مصباحه الليلي في وجهها وملامح الشك جليّة في سمات وجهه وبعد بضع لحظات من الصمت القاتل قال الكلب: الرخصة والاستمارة لو سمحتي

أخرجت الدجاجة الرخصة والاستمارة من درج السيارة وأعطتهما للشرطي فتطلع فيهما الشرطي وقال بأعصابٍ باردة مُتجمدة: دقيقة

رجع الشرطي الكلب لسيارته وبقت الدجاجة في سيارتها

ساد الصمت في الشارع باستثناء أصوات مُحركي السيارتين وطنطنة راديو الشرطي الكلب

*****

فتحت الدجاجة باب شقتها وقامت بإخراج رأسها مع الباب مُتفقدة هل كان أحد بالممر أم لا

لم يكن هُناك أحد

فتحت الدجاجة الباب على مصراعه وقامت بسحب كيس يبدو أنه كيسُ قمامة ثقيل

كانت الدجاجة صغيرة الحجم وكتكوتة ولكن تجهم ملامح وجهها يجعلك تُفكر مرتين قبل أن تبدأ حوارا معها

عندما سحبت الدجاجة كامل الكيس وأصبح خارج الشقة تركته لثانية حتّى تقوم بإغلاق الباب

كان الكيسُ مائلا ولم يكن مغلقا بإحكام

نتيجة للعزم الناتج من عدم استقامة الكيس وقوة الجاذبية, سقط الكيسُ على جانبه وسالت قطرة دم داكنة اللون من فتحة الكيس على رُخام الممر اللامع

كانت الدجاجة تقف على أطراف أصابعها تحاول الوصول إلى مقبض الباب لتسحبه وتُغلقه عندما شاهدت الكيس وهُو يسقط على جانبه
 
هرعت الدجاجة إلى الكيس وقامت بإعادة فتحته للأعلى لكي لا يسيل المزيد من الدم

لعنت الدجاجة أم الحالة وشتمتها عدة مرات بصرخات مكتومة وذهبت لتحضر منشفة وبخاخا مُطهرا من داخل شقتها لتقوم بتنظيف بقعة الدم

قامت الدجاجة بتنظيف البقعة وأغلقت باب شقتها وسحبت الكيس للمصعد الذي تتشارك فيه شقق ذلك الدور من العمارة

ضغطت الدجاجة الزر وانتظرت

بعد مرور قرابة الاثنى عشر ثانية من ضغطها للزر خَرَجَ جارها الماعز من شقته ومسّى عليها بالخير فردت الدجاجة التحية وابتسمت ابتسامة مُزيفة من دون تجاعيد عينين

أدارت الدجاجة رأسها لباب المصعد ونظرت إليه بوجه خال من التعابير بينما كان الماعز يتطلع لباب المصعد ويسترق نظرات فضولية إلى الدجاجة وإلى الكيس كل بضع ثوانٍ
 
"هل هذا وقتُ إخراج القمامة؟" كان الماعزُ يتسائل

بقيا ينتظران المصعد لتسع ثوان إضافية يسودها صمت آكووردي ثقيل قبل أن يصل المصعد برنته المميزة

دخلت الدجاجة المصعد ودخل خلفها الماعز

حاول الماعز تبديد الصمت الآكووردي إذ قال للدجاجة: كيف الويكند؟

قالت الدجاجة بلكنة كاجولية: الحمد لله تمام, إنت كيف الويكند معك؟

فقال الماعز: ماشي حالو

وصل المصعد للدور الأرضي وانفتح الباب فخرجت الدجاجة ساحبة الكيس الثقيل وخرج وراءها الماعز من المصعد وخرجا من باب العمارة

قطعت الدجاجة الشارع ساحبة الكيس الثقيل لسيارتها المركونة في الجهة الأخرى من الشارع بينما مشى الماعز لسيارته المركونة قرابة العشرة أمتار من الباب على نفس جهة الباب

بعد أن قام الماعز بإدارة المفتاح في باب سيارته رفع عينيه نتيجة لفضوله الذي لم يُشبَع ناظرا باتجاه الدجاجة على نور الشارع الخافت ورأى سائلا على اسفلت الشارع يبدو أنه يجري من فتحة في الكيس المثقوب

خطا الماعز بضعةَ خطوات لبداية أثر السائل ولمسها بحافره فاتسعت عينا الماعز وصرخ بالدجاجة: هييييه!!! وش ذا الدم؟؟ وش في الكيس؟؟

خطا الماعز باتجاه الدجاجة بسرعة من غير أن يُفكّر

لم تجد الدجاجة سببا مقنعا للرد على الماعز فقد كان واثقا مما رأى وليس ثمّة آلة زمن يمكنها الرجوع بالوقت لكي تُصحح الدجاجة خطأها

يالكثرة أخطائها الليلة

لم تكن تلكَ عادتها ولكنها يبدو أنها إحدى الليالي السيئة لسبب غير واضح

أخرجت الدجاجة خنجرا صغيرا كانت تخبأه تحت ريشها وركضت باتجاه الماعز

عندما رآها الماعز تركض باتجاهه قام بالعدول عن قراره بمواجهة الدجاجة وسقط أرضا وحاول النهوض والجري في الجهة الأخرى

لم يكن ذلك ليُجدي نفعا فالدجاجة كانت أسرع منه إذ لحقت به وغرزت خنجرها في مؤخرة رقبته بقوة فخرّ الماعزُ صريعا وسالت بقعة من الدم على الأرض

أحضرت الدجاجة كيسا من مقصورة أمتعة سيارتها وأدخلت جثة الماعز فيه وأغلقته بإحكام هذه المرة ووضعت الجثتين في المقصورة

قامت الدجاجة بمسح الدم الموجود في الشارع بعدة خرق كانت تحملها في مقصورة سيارتها

لم يَزُلِ الأثر تماما ولكن ليس هُناك وقت لتنظيفه فلا بُدّ من أن تتخلص من الجثث قبل طلوع الشمس التي لم يتبق على طلوعها إلا أقل من ساعة

ركبت الدجاجة سيارتها وقادتها للطريق السريع متجهة لجهة نائية من المدينة لدفن الجثث

*****

كان شرطي المرور الكلب الهسكي الأبيض جالسا في سيارته يحتسي قهوته في ساعة متأخرة من الليل

كان صوت ارتشافه القهوة يُقاطع الصمت المريع في هذه الجهة النائية من المدينة

لم يكن يُمانع النوبات المُتأخرة, كان يطلبها بالأحرى

كانت سيارته يصعب مشاهدتها إذ كانت مصابيحها مُطفأة وكانت مركونة أسفل جسر على الطريق السريع شمال غرب المدينة

ليست هناك سيارات كثيرة الليلة

كان ذلك لا يخدم مصالحه فكونه قاتل مُتسلسل يقتنص ضحاياه في ساعة مُتأخرة على الطريق السريع يحتاج لغزارة في الخيارات المُتاحة للضحايا

كان يُحب اقتناص الحيوانات الكبيرة التي تستطيع الدفاع عن نفسها فهُو يعشق التحدي في هوايته الملتوية

كانت مقصورة أمتعة سيّارة الشرطة تحتوي على غزال متوسط الحجم قام باستدراجه وقتله قبل قرابة الساعتين وكانت المقصورة تتسِع لحيوانٍ آخر مُتوسط الحجم

قرّرَ أنه سينتظر ليظفر بضحية أخرى قبل أن يقوم بالتخلص من الجثة

نظر الكلبُ في مرآته الخلفية فرأى نور سيارة قادمة من بعيد

يبدو أنه ربما قد وجدَ ضحيته التالية

قام الكلبُ بتشغيل محرك سيارته وإشعال مصابيحها وقيادتها لاحقا السيارة التي تجاوزته هذه اللحظة.

*****


كانت الدجاجة تقود سيارتها على الطريق السريع في طريقها لدفن جثتيها في مكان ناءٍ من المدينة عندما استوقفها الشرطي الكلب

تمتمت الدجاجة لنفسها "يالله!! والله مب وقته أبد" وقد كانت صادقة في قولها فمقصورة أمتعتها تحتوي جثتين لقرد متوسط الحجم وماعز ملقوف

لم ترَ سببا يستدعي إيقافها إلا إن كان أحدٌ قد تتبعها وبلغ عنها الشرطة

كانت هناك احتمالية بسيطة أيضا أنّ الإيقاف كان عشوائيا أو لسبب تافه فقامت بالتوقف على جانب الطريق

كان الشرطي كلبا هسكيّا أبيضا وقد كان أيضا قاتلا مُتسلسلا لا يزال يبحث عن ضحيته التالية

تمالكت الدجاجة نفسها وتعاملت مع الموقف ببرود لا يُجيده إلا القتلة المُتسلسلين

لم يرَ الكلبُ أن الدجاجة كانت ضحيّة تمثل له أية تحدٍ فقام بأخذ أوراقها الرسمية  رغم اقتناعه فور رؤيتها أنه سيدعها تذهب ولكنه تحقق من أوراقها
 
كانت الدجاجة مُمسكة بمُسدس كانت تُخبه في درج السيارة الأمامي في حال كان الكلب سيطلبُ منها النزول من السيارة ولكن ذلك لم يحدث, لحسنِ حظِّ كليهما
 
عاد الشرطي الكلبُ وقال للدجاجة: بعطيك تحذير شفوي هالمرة ولكن المرة الجاية بعطيك مُخالفة

ورجعَ لسيّارته تاركا الدجاجة تتسائل "هاه؟" وهي لا تزال قابضة على مُسدسها المدسوس الذي تُخبأه بجناحها اليسار

لم تُضع الدجاجة وقتها إذا قامت بتشغيل سيارتها وانصرفت وانصرف الشرطي الكلب خلفها تاركين المكان مهجورا كما كان
 
مضت الدجاجة لتدفن ضحاياها

وتابع الكلبُ بحثه عن ضحيته التالية

هناك تعليق واحد:

  1. A gripping tale of rabid intensity in which you turn over a new leaf with a twist to your animal tales. As far as I know, this is your first Animal City story with this much morbidity and darkness. It goes to show that the big city isn't all fluff and fuzz, as some real shit goes down from time to time.

    It felt very noir-ish in nature, and I found it enjoyable and thrilling.

    Kudos.

    ردحذف