منطق بلافلسفي

ركضت الدجاجة على قدميها الدجاجيتين النحيفتين في أزقة الحرم الجامعي هارعة إلى أولى مُحاضراتها ذلك الصباح وقالت في خلدها: بقيييق ما هذه الحالة! حتما سأتأخر عن المُحاضرة , يا ليتني كنتُ أستطيع الطيران!

ولم تصل إلا وهي تلهث لهث كلب ضال في فلاة لا يُرجى منها مفازة ونظرت إلى ساعة الحائط فوجدت انها وصلت مبكرة فأخذت تنظر إلى ساعة يدها من ماركة الـ 'نايكي فيول' الرقمية وهي تقول: كاسيو اصرف منك بغيت أموت من الركض بسبّتك وانتي حتى وقت ما يطلع منك مضبوط

ونظرت الدجاجة إلى قاعة خالية على عروشها وأحست بشعور آكووردي مهيب إثرَ زلابة الموقف وما هي الا لحظات يسيرة حتى لمحت في مؤخرة القاعة تمساحا دخل للتو من الباب الخلفي ويُكشر عن أسنانه الكثيرة قائلا: هقهقهقهق ... من وصل أول؟ أنتي ولا البيضة؟ #مُزز

فانتاب الدجاجة شعور سامجي من الدرجة الديفيد لويزية وهو يسدد قذيفته الصاروخية في مرمى باسيل الذي كاد ان يردي باسلوبها اللبق الى الحلقة الجهنمية الدانتية التاسعة فأخذت نفسا عميقا وقالت: سؤالك تقليدي وينبع من اطلاعك العميق في المواضيع الفلسفية لكن لماذا نجد أنفسنا نخوض في مسائل البداية والنهاية متناسين ومتغافلين عن المرحلة الانتقالية مابين البيضة والدجاجة والتي هي الأهم في نظري لأنني وإن كنت دجاجة إلا أنني مازلت فرخا في تجاربي الحياتية وأرى انه يجب علينا ان تغتنم ما لدينا من وقت في هذه الحياة القصيرة ولا نستسلم لهواجس المستقبل او احلام الماضي لكي لا نكون ضحية للافكار الهدامة المتقوقعة التي تحط من تقدمنا الى الأمام

فتبسم التمساح ليقول بابتسامة قذرة محاولا هزّ موقف الدجاجة: هعهعهعهع... أنتي كنتي فرخ؟

وعندها فقط وصل البروفيسور العنز الجبلي المُلتحي إلى القاعة التي اكتظت فجأة بالطلاب منقذا حياة التمساح من جريمة قتل متعمد مع سبق الإصرار والترصد ومعلنا بداية المُحاضرة قائلا: محاضرتنا اليوم في كلاس مبادئ الفلسفة والمنطق عنوانها "مُعضلة البيضة والدجاجة"

فوضعت الدجاجة وجهها في راحتها .. عفوا أقصد جناحها متفهمة هشاشة مواقفنا رُغمَ قوة حُججنا في بعض الأحيان