مغامرات البطريق

كان الفيل يهرول مؤديا تمرينه الصباحي في داونتاون مدينة الحيوانات عندما رأى بطريقا ممسكا بخريطة وتبدو على ملامح وجهه الحيرة والسذاجة واللكاعة فسأله: مضيّع يالحبيب؟

وأخذ ينفث أنفاسه فرد البطريق: إيه والله أنا سائح وأبقابل صديقي البطريق الثاني اللي يدرس هنا وتواعدنا نتقابل في حديقة الحيوانات بس ما دليتها

فضحك الفيل وقال: هههه هنا نسميها الحديقة فقط , طيب شوف امش على هالشارع الين يجيك طريق الملك الأسد ولف يسار وبتجيك على اليمين بعد دُبــدونالدز

فقال البطريق: شكرا يا صديقي , ياخي وشذا الحر عندكم؟ تدري بالله وين الحَمَام؟

فتلفت الفيل يمنة ويسرة وقال: ههه مدري وش تبي به بس شفه هناك عند محطة الباص

فنظر إليه البطريق وقال :متأكد؟؟؟؟

فقال الفيل: الحَمَام؟ إيه والله متأكد

فذهب الفيل في حاله وذهب البطريق إلى الحمامة وسألها: أنت الحَمَام؟

فقالت الحمامة: نعم

فأخذَ البطريق يـتبوّل عليها وهي تصرخ معترضة ومحتجة حتى انتهى البطريق وقال: وشفيس؟ ترى خرشتي أمي!!

فقالت الحمامة: انت اللي وشفيك يا حقير تـ*** علي!!!!!!

فقال البطريق مندهشا: يختي وأنا جاي في الطيارة أقرأ في الكُتيّب الإرشادي المُعنون كيف تتعامل مع الصدمة الحضارية في مدينة الحيوانات يقولون يجب أن تقضي حاجتك في المكان المخصص وهو الحَمَام

فقالت الحمامة المبللة: لا يا غبي حمّام بالشدة مكان مخصص لقضاء الحاجة

فقال البطريق: آهاا امسحيها في وجهي أجل , لا لا مب حرفيا اصبري بأجيب مناديل

فتعامل البطريق مع الفوضى التي أحدثها واعتذر للحمامة وغدا يمشي في طريقه إلى حديقة الحيوانات حتى رأى دًبا ملونا يقف عند أشارة ينتظر إشارة المشاة فأخذ البطريقُ يقهقه ويقول: من اللي ضاربك بوية يالدب مخليك بُني أخبرك أبيض
فلكمه الدب فطار واصطدم بجدار البناية التي بجانبهم ورجع وقال الدب: أنا كذا يا غبي , هذاك الدب القطبي ولد عمي

فرد البطريق: أكيد؟؟ منتب مسوي تان وتهورت؟؟

فلكمه الدب مرة ثانية فاصطدم بالجدار ورجع مرة ثانية وقال الدب: لا

فقال البطريق: متأكد انك ما كنت في ساونا وانطبخت لين احترقت؟

فركله الدب فاصطدم بالجدار مرة ثالثة ورجع وقال الدب: لا

فهز البطريق كتفيه عديمي الوجود وقال: وورث ات (ترجمة: تسوى العناء)

وأكملَ مسيره ورن هاتفه الجوال فرد عليه: ألو .. ايه أنا بطريق .. لا ياخي افهم أنا بـ طّريق .. أنا بالطريق افهم ياخي وشذا الحالة خربت نكتتي خلاص شوي وأصير عندك , تراك أزعجتنا قعدت في مدينة الحيوانات سنتين ومسوي لي فيها أنا اللي متحضر ومواعيدي قرينتش .. طيب يالله سلام

وعندها وصل البطريق إلى طريق الملك الأسد وشاهَدَ تجمهرا حول الملك الأسد الذي كان يتمشى في طريقه فأخذ يصرخ: هيييه!! يالأسد!! يالأسد!!

وردد صراخه المزعج حتى فَطِن الأسد لوجوده فاقترب منه وقال بصوته الرخيم: يالله حي البطريق

فقال البطريق: ياخي أنا من أكبر معجبينك , شَعرك يخقق صراحة وبعدين أنت تجمع بين أرستقراطية القطوة ورجولة الثور

فقال الأسد: شكرا يالبطريق

فقال البطريق: طب ممكن صورة وياك يالأسد؟

فقال الأسدُ مستنكرا: وشو؟؟

 فقال البطريق منلحسا: وشو؟

فقال الأسد: أسد كذا حاف يالوَضِيع؟؟ قل حضرة الملك المعظم الأسد

فقال البطريق: بس أنا منب من حيوانات الغابة وانت ملك الغابة

فقال الأسد: والله كلامك صحيح وبعدين أنا ما أستقوي إلا على مخفّات , قال حقوق حيوان قال هههههه , تعال خل ناخذ صورة

فأخذوا الصورة التذكارية التي طالما حَلُمَ بها البطريق وكان البطريق يعيش أسعد لحظات حياته في مدينة الحيوانات , وفجأة تلاشى كل الندم الذي شعر به بعدما اشترى التذكرة التي دفع فيها كل مدخراته ليأتي إلى مدينة الحيوانات عندما رأى عمارة دُبـدونالدز الرهـيـبة المهيبة وقرر أن يأكل منها ليضيفَ دبــدونالدز إلى دولاب ذكرياته الذي يبنيه. فدخل المطعم المزدحم وبعد أن وصل لمقدمة صف الطلب تردد قليلا بعدما  رأى الكاشيرة السمكة التي قالت: مرحبا بك في دبدونالدز وش مشتهي اليوم؟

فقال البطريق متلعثما: آآآ .. ممكن واحد .. آآ .. دُبــفِـش كومبو مع بطاطس وببسي 

فقالت السمكة: وشفيك منلخم؟

فردّ البطريق: مدري موب الوضع آكوورد شوي قاعد أطلب سندوتشة سمك من سمكة؟؟

فضحكت السمكة وقالت: لا أصلا عادي حنا السمك ناكل بعض تفضل طلبك أتمنى لك يوما سعيدا

فاستهل البطريق وتناول شطيرة السمك وهوَ في منتهى السعادة , وقررَ بعدها بأنه سحب على صاحبه بما فيه الكفاية فشد من عزمه ومشى بقية الخطوات إلى حديقة الحيوانات ورأى صديقه البطريق وقد انعقد حاجباه متضايقا من تأخره فابتسم وأدرك أن حلاوة الحياة تكمن في مُتعها البسيطة مثل رؤية صديق قديم متنرفز مسحوب عليه أو سندوتشة دُبـفِش فقرر أن يعيش باقي حياته كالبطريق الذي كانَ اليوم

الصورة التذكارية للبطريق مع الأسد  (بريشة الأستاذ المهندس الفنّان العالمي علي الحرز)