"165 يوم 23 ساعة 47 دقيقة 15 ثانية"
كانت الدجاجة تمشي مع الحمار في إحدى حواري مدينة الحيوانات في الساعة الأخيرة من النهار.
كانا صامتين طيلة فترة مشيهما ولكنه لم يكن صمتا آكوورديا, فكليهما مرتاح في صمته.
شاهدت الدجاجة شيئا يُثير الفضول فنغزت الحمار مستجلبة انتباهه إليه.
نظر الحمار بالاتجاه الذي أشارت له الدجاجة فوجد على الجهة الأخرى من الشارع متجرا صغيرا مغلقا وقد غُطّيت جدرانه بورق بلاستيكي يحجب الرؤية.
لم يكن ذلك فقط ما أثار فضولهما, ولكن كانت هناك شاشة الكترونية كبيرة فوق المحل تقوم بعدّ تنازلي لسبب غير مفهوم.
"165 يوم 23 ساعة 46 دقيقة 24 ثانية"
تسائل الحمار: وش هذا؟
قالت الدجاجة: والله مدري, يمكن عشان محل جديد.
قال الحمار: طب وشو المحل؟
قال الدجاجة مفكرة: والله سؤالك وجيه.
قال الحمار مستغربا من رد الدجاجة: طيب جاوبي السؤال, مب تقولين سؤالك وجيه وتسحبين!
قالت الدجاجة حانقة: وش درّى أمّي أنا؟ وش أنا مرشدة سياحية جاي أوريك معالم المدينة؟ ولا عندي مُعطيات مب عندك؟ ولا كان المفروض أسوي بحث في الموضوع وأزوّد حضرتك بالنتايج؟
قال الحمار: يا ليل, شفيس عصبتي إنتي الحين؟ قولي مدري وخلاص.
سكتا لوهلة ثمّ همهم الحمار مستهزئا بالدجاجة: سؤال وجيه.
سكتت الدجاجة فهي تعلم أن الاسترسال في الجدال العقيم لن يفيدهما.
قال الدجاجة محاولة تجاوز الموضوع: طيب مشينا؟
قال الحمار: وش مشينا؟ خل ننتظر نشوف وش الموضوع!
نظرت الدجاجة للحمار للحظة بعدم تصديق ثم قالت: بتنتظر وش؟؟؟
قال الحمار: نشوف وش تالية هالعد.
تسائلت الدجاجة في قرارة نفسها إذا ما كان يجدر بها الخوض في نقاش, أو جدال بالأحرى, مع الحمار لعله يقتنع بعدم جدوى الوقوف والانتظار ولكنها قررت أنّ تركه تجربة اجتماعية مثيرة للاهتمام.
قالت الدجاجة: زين أجل, أنا عندي كم مشوار لازم أمشي بس انت انتظر على راحتك.
قال الحمار: الله معك.
ودعته الدجاجة قائلة: نشوفك على خير.
قال الحمار: الله معك.
ودعته الدجاجة قائلة: نشوفك على خير.
قال الحمار: مع السلامة.
فمضت الدجاجة في حالها تاركة الحمار مركزا في العد التنازلي مستشعرا مرور الثواني والدقائق والساعات.
*****
*164 يوم 21 ساعة 35 دقيقة 47 ثانية*
لم تكن الدجاجة تتوقع أن ترى الحمار في اليوم التالي أمام المحل حيث تركته.
كانت تمشي لوحدها في طريقها لقضاء بعض مشاويرها وقد نسيت تماما موضوع الحمار والعد التنازلي.
تفاجأت الدجاجة عندما لمحته وحثّت الخُطى إليه لتستعلم عن أحواله.
قالت الدجاجة: هلااااا
التفت لها الحمار وقال: هلا والله وش الأخبار؟
قالت الدجاجة: تمام, تمام, يالله لك الحمد. هاه وشالنظام؟
قال الحمار: والله فاتس, الأرقام قامت تتناقص ألين وصلت 165 يوم 00 ساعة 00 دقيقة 00 ثانية وبغى مخّي ينفجر وش بيصير؟ وبعدين فجأة صار 164 ساعة 23 ساعة 59 دقيقة 59 ثانية
وبقي فكّ الحمار قريبا من الأرض بعد انتهائه من نطق كلمة ثانية وعينيه متسعتين وكأنما انفجر مخه فعليا
قالت الدجاجة مستوعبة أن فهم الحمار للأرقام مقصور على ذات الأرقام دون ترتيبها وقالت مسلكة الموضوع: وااو صراحة فاتني فعلا!
وساد الصمت للحظة ثم أردفت الدجاجة: طيّب عرفت وش سالفة العد؟
قال الحمار: لا والله.
قالت الدجاجة: أوكي عطني خبر إذا عرفت.
ومضت الدجاجة في حالها.
*****
*87 يوم 18 ساعة 57دقيقة 30 ثانية*
مرّت الدجاجة على الحمار بضعة مرات خلال السبعة والسبعون يوما التالية والحمار لا يزال متفاعلا مع العد التنازلي.
بعد التحديث الذي قد أضحى روتينيا من الحمار حول الأرقام الجديدة في شاشة العد التنازلي قالت الدجاجة: طيب عرفت وش المحل؟
قال الحمار: ايييييه أمس جا قنفذ لابس خوذة هههههههه قنفذ لابس خوذة كنه يبي يحمي نفسه ههههههه المفروض الناس يلبسون خوذة عنه هههههههه.
بدا أن سالفة الحمار قد انتهت فقالت الدجاجة: إيه وبعدين؟
قال الحمار متذكرا سلسلة أفكاره: إيه سألت القنفذ وش السالفة وقال بيفتحون محل يبع كفرات جوالات.
هزّت الدجاجة رأسها غير مستوعبة وقالت: جوالات؟
ردّ الحمار: لا, كفرات جوّالات, يعني أغطية ههههههه أثرس ما تعرفين انقليزي!
قالت الدجاجة: آهااا.
سكتت للحظة ثمّ أردفت: طيب منتب معصّب؟
قال الحمار: ليش؟
قالت الدجاجة: لا بس صار لك سبعة وسبعين يوم تنتظر وفي النهاية صار المحل يبيع كفرات جوالات, يعني حتّى ما يبيع جوّالات!
قال الحمار: لا, وش دخّل أصلا؟ وبعدين العدّ فتّح عقلي لأشياء عميقة, مثل كيف الوقت يمشي, ثواني تصنع ساعات تصنع دقائق تصنع أيام.
قالت الدجاجة: قصدك ثواني تصنع دقائق تصنع ساعات تصنع أيام.
قال الحمار ضاربا على صدره: ههههه لا ما عليس, تعلميني؟ أنا صار لي سبعة وسبعين يوم متابع العدّ, آي ثنك آي قوت ذس.
نظرت له الدجاجة لثانيتين ثمّ هزّت كتفها وقالت: أوكي, بالتوفيق, بأسيّر عليك قريب إن شاء الله.
فودعا بعضهما ومضت الدجاجة في سبيلها.
*****
*0 يوم 3 ساعات 24 دقيقة 17 ثانية*
أتت الدجاجة لتلتقي بالحمار في اليوم الأخير من العدّ وتتابع الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل الممل.
وجدت الدجاجة طابورا من الناس المصطفين خلف الحمار. خمنّت أن ذلك ليس لحماسهم لشراء كفرات الجوالات, ولكن لأن الحمار أصبح ظاهرة اجتماعية معروفة على مستوى مدينة الحيوانات روّجت لصنع هذا الطابور.
في الحقيقة, صنع له معجبوه صفحة على الفيسبوك عنونوها "الحمار مدرّك العدّ التنازلي".
لم يكن الحمار مدركا بالضبط لما يدور حوله فانغماسه في متابعة الأرقام على الشاشة كان كفيلا باحتلال كامل انتباهه.
وقفت الدجاجة بجانب الحمار وقالت بعد تمسيته عليه بالخير: هاه وش شعورك؟
قال الحمار: شعوري بمناسبة إيش؟
قالت الدجاجة: العد التنازلي بيخلص بعد ثلاث ساعات!
نظر الحمار للشاشة ثم قال: أووووه صح! هههههههه.
وساد الصمت للحظة بينما عالج الحمار المعلومة ثم قال: والله أنا مبسوط إني قضيت وقتي بمتابعة العدّ.
قالت الدجاجة: بس ما تحس إنّك ضيعت وقتك؟
قال الحمار: ليش ضيعت وقتي؟ بالعكس أحس إني استثمرت وقتي في شي جامد جدّا.
استسلمت الدجاجة عن محاولاتها المستميتة لفهم منطق الحمار فسكتت.
مرّت دقيقة صمت قالت بعدها الدجاجة: أوكي أنا طفشت بأروح وبأجيك بعد ثلاث ساعات.
قال الحمار: أوكي.
*****
*0 يوم 0 ساعات 2 دقيقة 3 ثانية*
رجعت الدجاجة ووقفت بجانب الحمار وقالت: هاه مستعد؟
قال الحمار: إيه ما عليس.
مرت الدقيقتان ببطء شديد حتى بقيت عشر ثوانٍ وقام الناس بالعد التنازلي بصوت مرتفع
"10, 9, 8, 7, 6, 5, 4, 3, 2, 1"
ثم علت صيحات الجموع وفُتح المحل وسحبت الدجاجة الحمار لداخل المحل يتبعهما الكثير من الحيوانات وقام بنظرة سريعة حول المحل ولم يعجبهم شي ثم خرجوا.
قالت الدجاجة: مااش أحس إنه دون المستوى.
قال الحمار: ايه مخيس شوي.
قالت الدجاجة: يالله, أهم شي إنك كنت مستمتع بالعد.
قال الحمار: لحظة لحظة لحظة لحظة, اصبري, هو العد كان يعني على نهايته بيصير افتتاح المحل؟؟
قالت الدجاجة: إيه! أجل وش؟
قال الحمار: ههههههه وأنا كنت أحسب إنه مجرّد صدفة إنه صار في نفس الوقت!
نظرت له الدجاجة لبضعة ثوان ثم نظرت في محيطها باحثة عن أقرب جدار ثم مشت إليه وضربت رأسها به عدة مرات والحمار ينظر إليها بفضول.
عادت إليه الدجاجة وقالت له: ممكن أشوف جوالك؟
فناولها الحمار جواله فقامت بمسح رقمها من على جواله.
ثم أمسكت بجوالها وقامت بحظره على جميع مواقع التواصل الاجتماعي.
ثم أدارت ظهرها إليه وانصرفت داعية الله أن يهبها القدرة على التحكم في النفس لكيلا تقوم بارتكاب جريمة بشعة في حق الحمار.
هزّت الدجاجة رأسها غير مستوعبة وقالت: جوالات؟
ردّ الحمار: لا, كفرات جوّالات, يعني أغطية ههههههه أثرس ما تعرفين انقليزي!
قالت الدجاجة: آهااا.
سكتت للحظة ثمّ أردفت: طيب منتب معصّب؟
قال الحمار: ليش؟
قالت الدجاجة: لا بس صار لك سبعة وسبعين يوم تنتظر وفي النهاية صار المحل يبيع كفرات جوالات, يعني حتّى ما يبيع جوّالات!
قال الحمار: لا, وش دخّل أصلا؟ وبعدين العدّ فتّح عقلي لأشياء عميقة, مثل كيف الوقت يمشي, ثواني تصنع ساعات تصنع دقائق تصنع أيام.
قالت الدجاجة: قصدك ثواني تصنع دقائق تصنع ساعات تصنع أيام.
قال الحمار ضاربا على صدره: ههههه لا ما عليس, تعلميني؟ أنا صار لي سبعة وسبعين يوم متابع العدّ, آي ثنك آي قوت ذس.
نظرت له الدجاجة لثانيتين ثمّ هزّت كتفها وقالت: أوكي, بالتوفيق, بأسيّر عليك قريب إن شاء الله.
فودعا بعضهما ومضت الدجاجة في سبيلها.
*****
*0 يوم 3 ساعات 24 دقيقة 17 ثانية*
أتت الدجاجة لتلتقي بالحمار في اليوم الأخير من العدّ وتتابع الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل الممل.
وجدت الدجاجة طابورا من الناس المصطفين خلف الحمار. خمنّت أن ذلك ليس لحماسهم لشراء كفرات الجوالات, ولكن لأن الحمار أصبح ظاهرة اجتماعية معروفة على مستوى مدينة الحيوانات روّجت لصنع هذا الطابور.
في الحقيقة, صنع له معجبوه صفحة على الفيسبوك عنونوها "الحمار مدرّك العدّ التنازلي".
لم يكن الحمار مدركا بالضبط لما يدور حوله فانغماسه في متابعة الأرقام على الشاشة كان كفيلا باحتلال كامل انتباهه.
وقفت الدجاجة بجانب الحمار وقالت بعد تمسيته عليه بالخير: هاه وش شعورك؟
قال الحمار: شعوري بمناسبة إيش؟
قالت الدجاجة: العد التنازلي بيخلص بعد ثلاث ساعات!
نظر الحمار للشاشة ثم قال: أووووه صح! هههههههه.
وساد الصمت للحظة بينما عالج الحمار المعلومة ثم قال: والله أنا مبسوط إني قضيت وقتي بمتابعة العدّ.
قالت الدجاجة: بس ما تحس إنّك ضيعت وقتك؟
قال الحمار: ليش ضيعت وقتي؟ بالعكس أحس إني استثمرت وقتي في شي جامد جدّا.
استسلمت الدجاجة عن محاولاتها المستميتة لفهم منطق الحمار فسكتت.
مرّت دقيقة صمت قالت بعدها الدجاجة: أوكي أنا طفشت بأروح وبأجيك بعد ثلاث ساعات.
قال الحمار: أوكي.
*****
*0 يوم 0 ساعات 2 دقيقة 3 ثانية*
رجعت الدجاجة ووقفت بجانب الحمار وقالت: هاه مستعد؟
قال الحمار: إيه ما عليس.
مرت الدقيقتان ببطء شديد حتى بقيت عشر ثوانٍ وقام الناس بالعد التنازلي بصوت مرتفع
"10, 9, 8, 7, 6, 5, 4, 3, 2, 1"
ثم علت صيحات الجموع وفُتح المحل وسحبت الدجاجة الحمار لداخل المحل يتبعهما الكثير من الحيوانات وقام بنظرة سريعة حول المحل ولم يعجبهم شي ثم خرجوا.
قالت الدجاجة: مااش أحس إنه دون المستوى.
قال الحمار: ايه مخيس شوي.
قالت الدجاجة: يالله, أهم شي إنك كنت مستمتع بالعد.
قال الحمار: لحظة لحظة لحظة لحظة, اصبري, هو العد كان يعني على نهايته بيصير افتتاح المحل؟؟
قالت الدجاجة: إيه! أجل وش؟
قال الحمار: ههههههه وأنا كنت أحسب إنه مجرّد صدفة إنه صار في نفس الوقت!
نظرت له الدجاجة لبضعة ثوان ثم نظرت في محيطها باحثة عن أقرب جدار ثم مشت إليه وضربت رأسها به عدة مرات والحمار ينظر إليها بفضول.
عادت إليه الدجاجة وقالت له: ممكن أشوف جوالك؟
فناولها الحمار جواله فقامت بمسح رقمها من على جواله.
ثم أمسكت بجوالها وقامت بحظره على جميع مواقع التواصل الاجتماعي.
ثم أدارت ظهرها إليه وانصرفت داعية الله أن يهبها القدرة على التحكم في النفس لكيلا تقوم بارتكاب جريمة بشعة في حق الحمار.